@ 611 @ .
قلنا هذا مما لا سبيل إلى معرفته إلا بالرواية وقد عدمت لا هم إلا القاضي أبا بكر قد ذكر في ذلك وجوها أجودها خمسة .
الأول أن رسول الله ترك ذلك مصلحة وفعله أبو بكر للحاجة .
الثاني أن الله أخبر أنه في الصحف الأولى وأنه عند محمد في مثلها بقوله ( ! < يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة > ! ) فهذا اقتداء بالله وبرسوله .
الثالث أنهم قصدوا بذلك تحقيق قول الله ( ! < إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون > ! ) فقد كان عنده محفوظا وأخبرنا أنه يحفظه بعد نزوله ومن حفظه تيسير الصحابة لجمعه واتفاقهم على تقييده وضبطه .
الرابع أن النبي كان يكتبه كتبته بإملائه إياه عليهم وهل يخفى على متصور معنى صحيحا في قلبه أن ذلك كان تنبيها على كتبه وضبطه بالتقييد في الصحف ولو كان ما ضمنه الله من حفظه لا عمل للأمة فيه لم يكتبه رسول الله بعد إخبار الله له بضمان حفظه ولكن علم أن حفظه من الله بحفظنا وتيسيره ذلك لنا وتعليمه لكتابته وضبطه في الصحف بيننا .
الخامس أنه ثبت أن النبي نهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو وهذا تنبيه على أنه بين الأمة مكتوب مستصحب في الأسفار وهذا من أبين الوجوه عند النظار $ المسألة السادسة $ .
فأما كتابة عثمان للمصاحف التي أرسلت إلى الكوفة والشام والحجاز فإنما كان ذلك لأجل اختلاف الناس في القراءات فأراد ضبط الأمر لئلا ينتشر إلى حد التفرق والاختلاف في القرآن كما اختلف أهل الكتاب في كتبهم وكان جمع أبي بكر له لئلا يذهب أصله فكانا أمرين مختلفين لسببين متباينين وقد كان وقع مثل هذا الاختلاف في زمان النبي بين هشام بن حكيم بن حزام وبين عمر بن الخطاب