@ 144 @ اقتضته المقادير التي أنفذها واستمرت به الحكمة والكفار يقابلونه بالجحود والإنكار ويعتمدونه وأصحابه بالعداوة والإذاية والباري سبحانه يأمر نبيه عليه السلام وأصحابه باحتمال الأذى والصبر على المكروه ويأمرهم بالإعراض تارة وبالعفو والصفح أخرى حتى يأتي الله بأمره إلى أن أذن الله تعالى لهم في القتال .
فقيل إنه أنزل على رسوله ( ! < أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا > ! ) [ الحج 39 ] وهي أول آية نزلت وإن لم يكن أحد قاتل ولكن معناه أذن للذين يعلمون أن الكفار يعتقدون قتالهم وقتلهم بأن يقاتلوهم على اختلاف القراءتين ثم صار بعد ذلك فرضا فقال تعالى ( ! < وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم > ! ) .
ثم أمر بقتال الكل فقال ( ! < فاقتلوا المشركين > ! ) الآية [ التوبة 5 ] وقيل إن هذه الآية أول آية نزلت .
والصحيح ما رتبناه لأن آية الإذن في القتال مكية وهذه الآية مدنية متأخرة $ المسألة الثانية في سبب نزولها $ .
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سار إلى العمرة زمن الحديبية فصده المشركون عنها فأمر بقتالهم فبايع على ذلك ثم أذن له في الصلح إلى أمر ربك أعلم به $ المسألة الثالثة $ .
قال جماعة إن هذه الآية منسوخة بآية براءة وهذا لا يصح لأنه أمر هاهنا بقتال من قاتل وكذلك أمر بذا بعده فقال تعالى ( ! < وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة > ! ) [ التوبة 36 ] بيد أن أشهب روى عن مالك أن المراد هاهنا أهل المدينة أمروا بقتال من قاتلهم .
وقال غيره هو خطاب للجميع وهو الأصح أمر كل أحد أن يقاتل من قاتله إذ لا يمكن سواه ألا تراه كيف بينها تعالى في سورة براءة بقوله ( ! < قاتلوا الذين يلونكم من الكفار > !