@ 64 @ جواب آخر وهو أن هذا الخبر حكاية حال وقضية في عين فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم مزكوما فلم يمكنه كشف رأسه فمسح البعض ومر بيده على جميع البعض فانتهى آخر الكف إلى آخر الناصية فأمر اليد على العمامة فظن الراوي أنه قصد مسح العمامة وإنما قصد مسح الناصية بإمرار اليد وهذا مما يعرف مشاهدة ولهذا لم يرو عنه قط شيء من ذلك في أطواره بأسفاره على كثرتها $ المسألة الثامنة والعشرون $ .
ظن بعض الشافعية وحشوية النحوية أن الباء للتبعيض ولم يبق ذو لسان رطب إلا وقد أفاض في ذلك حتى صار الكلام فيها إجلالا بالمتكلم ولا يجوز لمن شدا طرفا من العربية أن يعتقد في الباء ذلك وإن كانت ترد في موضع لا يحتاج إليها فيه لربط الفعل بالاسم فليس ذلك إلا لمعنى تقول مررت بزيد فهذا لإلصاق الفعل بالاسم ثم تقول مررت زيدا فيبقى المعنى وفي ذلك خلاف بيانه في ملجئة المتفقهين إلى معرفة غوامض النحويين وقد طال القول في هذا الباب وترامت فيه الخواطر في المختصر حتى أفادني فيه بعض أشياخي في المذاكرة والمطالعة فائدة بديعة .
وذلك أن قوله ( ! < فامسحوا > ! ) يقتضي ممسوحا وممسوحا به والممسوح الأول هو ما كان والممسوح الثاني هو الآلة التي بين الماسح والممسوح كاليد والمحصل للمقصود من المسح وهو المنديل وهذا ظاهر لا خفاء به فإذا ثبت هذا فلو قال امسحوا رؤوسكم لأجزأ المسح باليد إمرارا من غير شيء على الرأس لا ماء ولا سواه فجاء بالباء لتفيد ممسوحا به وهو الماء فكأنه قال فامسحوا برؤوسكم الماء من باب المقلوب والعرب تستعمله وقد أنشد سيبويه .
( كنواح ريش حمامة نجدية % ومسحت باللثتين عصف الأثمد ) مثله مثل القنافذ ومثله ( ! < من فضة قدروها تقديرا > ! )