وعطف بعضها على بعض بحسن ترتيب وائتلاف المعنى لأن كل لفظة لا يصلح معها غيرها والإيجاز لأنه سبحانه وتعالى قص القصة بأقصر عبارة والتسهيم لأنه من أول الآية إلى قوله أقلعي يقتضي اخرها والتهذيب لأن مرادات الألفاظ موصوفة بصفات الحسن وعليها رونق الفصاحة لسلامتها من التعقيد والتقديم والتأخير والتمكين لأن الفاصلة مستقرة في قرارها مطمئنة في مكانها والانسجام وهو تحدر الكلام بسهولة كما ينسجم الماء وباقي مجموع الآية الشريفة هو الإبداع الذي هو المراد هنا مع تكرار الأنواع البديعية .
وسهوت عن تقديم حسن البيان وهو أن السامع لا يتوقف في معرفة معنى الكلام ولا يشكل عليه شيء من هذه النظائر وهذا الكلام تعجز عنه قدرة البشر .
وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته علىالإبداع قوله .
( ذل النضار كما عز النظير لهم ... بالفضل والبذل في علم وفي كرم ) .
الشيخ صفي الدين في بيته من أنواع البديع التجنيس والتسجيع واللف والنشر والكناية عن الكرم في قوله ذل النضار وائتلاف المعنى مع المعنى .
والعميان ما نظموا هذا في بديعيتهم وبيت الشيخ عز الدين الموصلي ذكر فيه ستة عشر نوعا ما أمكن العبد استيعابها وتركته لحذاق الأدب وهو قوله .
( كم أبدعوا روض عدل بعد طولهم ... وأترعوا حوض فضل قبل قولهم ) وبيت بديعيتي أقول فيه عن النبي .
( إبداع أخلاقه إبداع خالقه ... في زخرف الشعر فاسجع بها وهم ) .
الشطر الأول من هذا البيت مشتمل على التورية وعلى جناس التصحيف وعلى الجناس المطلق وعلى الترصيع والمماثلة والتسجيع وائتلاف المعنى مع المعنى والسهولة والشطر الثاني فيه التورية ومراعاة النظير والاعتراض والانسجام ظاهر في البيت بكماله والإبداع الذي هو المراد هنا والله أعلم