ويحل هذه العقيلة التي لا تزان بسوى العلم والعمل أجيادها ويرق هذه الهضبة التي يطول إلا على مثله صعودها ويلق تلك العصبة التي تجتمع للأولياء به حشودها وهو يعلم أنه في موقف الإبلاغ عن الله لعباده والإعلام بما أعد الله في دار كرامته لمن جاهد في الله حق جهاده والإنذار لمن قصر في إعداد الأهبة ليوم معاده وهو بمحضر من حماة الإسلام ومشهد ممن قلدناه أمر أمة سيدنا محمد فليقصر خطبه على طاعة لله يحض عليها وعزمة في سبيل الله يشوق إليها ومعدلة يصف ما أعد الله لولاة أمر قدمتها بين يديها وتوبة يبعث الهمم على تعجيلها وأوقات مكرمة ينبه الأمم على احترامها بتقوى الله وتبجيلها ودنيا ينذر من خداعها ويبين للمغتر بها ما عرف من خلائقها المذمومة وألف من طباعها وأخرى يوضح للمعرض عنها وشك قدومها ويحذر المقصر في طلابها من عذابها ويبشر المشمر لها بنعيمها وليعلم أن الموعظة إذا خرجت من الألسنة لم تعد الأسماع ولم يحصل منها على غير تعقل القرائن والأسجاع وإذا خرجت من القلوب وقعت في مثلها وأثمرت في الحال بالمحافظة على فرض الطاعة ونفلها وسكنت في السرائر طباع طاعة تأبى على محاول نقلها وقدحت في البصائر من أنواع المعرفة ما لم يعهد من قبلها وليجعل خطبه في كل وقت مناسبة لأحوال مستمعيها متناسبة في وضوح المقاصد بين إدراك من يعي غوامض الكلام ومن لا يعيها فخير الكلام ما قل ودل وإذا كان قصر خطبة الرجل وطول صلابته منبئين عن فقهه فما قصر من حافظ على ذلك ولا أخل وليوشح خطبه من الدعاء لنا وللمسلمين بما يرجى أن يوافق ساعة الإجابة وإذا توخى الغرض بدعائه لعموم الأمة فقد تعينت إن شاء الله الإصابة وهذه الوصايا على سبيل الذكرى التي تنفع المؤمنين وترفع المحسنين والله تعالى يجعله وقد فعل من أوليائه المتقين بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى .
وهذه وصية خطيب أوردها في التعريف