الإسلام وترسيخ ثقافة الحوار الحضاري في عصر الصحوة الإسلامية الدكتور حسن عزوزي([1]) تمهيد لا يجادل اثنان في كون الدعوة إلى حوار الحضارات تعتبر سمة من سمات النصف الثاني من القرن العشرين، وكأنما أدرك العالم بعد اكتوائه بلظى حروب عالمية مدمرة ان البشرية لا تستطيع ان تتحمل حروبا أخرى بعد أن حصدت ويلات كثيرة أسهمت في تفاقم المشكلات الجوهرية الكبرى التي ظل يعاني منها كل من الغالب والمغلوب، لذلك بادرت جهات ومؤسسات كثيرة في العالم إلى تبني الدعوة إلى حوار الحضارات أملا في الالتقاء على مبادئ موحدة وقواسم مشتركة بين أتباع مختلف الحضارات تكون كفيلة بفتح الطريق للتفاهم والتعاون والتعايش. لقد دعت محافل ومنظمات كثيرة إلى حوار الحضارات منذ الستينات من القرن المنصرم ثم انتهى الحوار إلى أوراق نشرت في كتب وأذيعت في صحف لكنها لم تثمر نتائج ملموسة حتى الآن، وعندما ترددت في أرجاء العالم السياسية والفكرية نظرية هنتجتون عن (صِدام الحضارات) كان البديل المنطقي الذي تمت المسارعة إلى استدعائه هو (حوار الحضارات) الذي تمت الدعوة إليه بقوة في جميع المحافل والملتقيات والعمل على إنجاحه قصد تجنيب العالم ويلات الصراع وكوارث الصدام الحضاري، وإذا كانت جهات غربي ةكثيرة قد دأبت على الدعوة إلى حوار الحضارات وفق شروط وضوابط معينة أملتها ظروف التفوق والستعلاء الغربي، فإن الطرف الإسلامي خاصة في عصر الصحوة الإسلامية الراهنة لم يكن بعيدا عن فكرة تنظيم مؤتمرات وملتقيات دولية لترسيخ آليات الحوار والتقريب بين الثقافات والحضارات من طرف مؤسسات ومنظمات ثقافية إيمانا منها بان (حوار الحضارات) يعتبر مطلبا إسلاميا مُلحا يدعو إليه القرآن الكريم وتبشر به السنة النبوية الشريفة. وبقدر ما تعظم الحاجة إلى حوار جدي بين الثقافات والحضارات لإقامة جسور التفاهم بين الأمم والشعوب ولبلوغ مستوى لائق من التعايش الثقافي والحضاري تقوم الضرورة القصوى لتهيئ الأجواء الملائمة لإجراء هذا الحوار وإياجد الشروط الكفيلة بتوجيهه الوجهة الصحيحة. إن نقطة الانطلاقة الأولى لأية استجابة فعالة تبدأ من خلال فهم الذات وفهم الآخر، فالبداية ان نتعرف على واقعنا كما هو بالفعل دون رهبة أو خجل ودون تهوين أو تهويل ثم التعرف على الآخر وفهمه وهو هنا الغرب وحضارته. ان الانعزال والتقوقع والانغلاق على الذات في عالم اليوم الذي تحول إلى قرية صغيرة بحكم التطور التقني الهائل في تكنولوجليا الاتصال أمر مستحيل، كما ان الانسياق وراء الدعوة إلى حضارة عالمية واحدة هو بحد ذاته عملية تكريس لهيمنة الحضارة الغربية الكاسحة وهو طريق التبعية الحضارية الذي يفقدنا خصوصيتنا الحضارية ويحولنا إلى مجرد هامش لحضارة الغرب ([2]). وتبقى الدعوة إلى حوار الحضارات التعبير الأسمى الذي يحقق الذات ويكفل الانفتاح على الآخر ويثمر مستوى لائقا من التعايش الثقافي والحضاري المنشود. المبحث الأول: الإسلام والتفاعل بين الحضارات إن التقاء الحضارات معلم من معالم التاريخ الحضاري للإنسانية، وهو قدر لا سبيل إلى مغالبته أ وتجنبه، وقد تم دائما وأبدا وفق هذا القانون الحاكم التمييز بين ما هو مشترك إنساني عام وبين ماهو خصوصية حضارية ([3]). ولاشك أن الخيار البديل لصدام الحضارات هو أن تتفاعل الحضارات الإنسانية مع بعضها البعض بها يعود على الإنسان والبشرية جمعاء بالخير والفائدة، فالتفاعل عملية صراعية ولكنها متجهة نحو البناء والاستجابة الحضارية لتحديات الراهن عكس نظرية (صدام الحضارات) التي هي مقولة صراعية تدفع الغرب بـإمكاناته العملية والمادية لممارسة الهيمنة ونفي الآخر والسيطرة على مقدراته وثرواته تحت دعوى وتبرير ان نزاعات العالم القادمة سيتحكم فيها العامل الحضاري ([4]). بيد ان التفاعل الحضاري لا يمكن ان يتم ويتحقق إلا عن طريق حوار بناء وفعال بين الأديان، وقد سبق لعالم اللاهوت الألماني هانس كينغ Hans Kung ([5]) ان قال: (لا حوار بين الحضارات بدون سلام ولا سلام بدون حوار بين الأديان) ، وإذا كان القرن الواحد والعشرون هو قرن الأديان بامتياز كما قال المفكر والكاتب الفرنسي اندريه مالرو، فإن الدين قد أضحى منبع الثقافات وملهمها، ومنه تتأتى معظم خصوصيات الشعوب ومقوماتها، والحوار بين أهل الأديان المختلفة الأديان عيشا تسود فيه الأخو الإنسانية ويرمي إلى ان لا يظلم أحد حقا هو له بسبب تميزه الديني عن الآخرين، كما يرمي إلى تحقيق (العيش المشترك) في عالم يسع الجميع مهما كانوا متباينين على المستوى العقائدي والثقافي والحضاري. والإسلام كدين وحضارة عندما يدعو إلى التفاعل بين الحضارات ينكر (المركزية الحضارية) التي تريد العالم حضارة واحدة مهيمنة ومتحكمة في الأنماط والتكتلات الحضارية الأخرى ([6]). فالصحوة الإسلامية المعاصرة تسعى إلى أن يكون العالم (منتدى حضارات) متعدد الأطراف ، ولكنه مع ذلك لا يريد للحضارات المتعددة ان تستبدل التعصب بالمركزية الحضارية القسرية، إنما تريد لهذه الحضارات المتعددة ان تتفاعل وتتساند في كل ماهو مشترك إنساني عام ([7]). وإذا كان الإسلام دينا عالميا وخاتم الأديان فإنه في روح دعوته وجوهر رسالته لا يرمي إلى تسنم (المركزية الدينية) التي تجبر العالم على التمسك بدين واحد، إنه ينكر هذا القسر عندما يرى في تعددية الشرائع الدينية سنة من سنن الله تعالى في الكون، قال تعالى (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات) ([8]). وقال أيضا (ولوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) ([9]). ان دعوة الإسلام إلى التفاعل مع باقي الديانات والحضارات تنبع من رؤيته إلى التعامل مع غير المسلمين الذين يؤمنون برسالاتهم السماوية، فعقيدة المسلم لا تكتمل إلا إذا آمن بالرسل جميعا (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله) ([10]). بيد انه لا يجوز ان يفهم هذا التسامح الإنساني الذي جعله الإسلام أساسا راسخا لعلاقة المسلم مع غير المسلم على أنه انفلات ا واستعداد للذوبان في أي كيان من الكيانات التي لا تتفق مع جوهر هذا الدين. فهذا التسامح لا يلغي الفارق والاختلاف ولكنه يؤسس للعلاقات الإنسانية التي يريد الإسلام ان تسود حياة الناس، فالتأكيد على الخصوصيات العقائدية والحضارية والثقافية، لا سبيل إلى إلغائه، ولكن الإسلام لا يريد لهذه الخصوصيات ان تمنع التفاعل الحضاري بين الأمم والشعوب والتعاون فيما بينها ([11]). إن الصحوة الإسلامية المعاصرة تقوم على أساس التفاعل الحضاري ، فهي لهذه الخاصية ثقافة حوار في المقام الأول حيث أخذت الحضارة الإسلامية عن الحضارات السابقة واقتبست من ثقافات الأمم والشعوب التي احتكت بها وصهرت حصيلة هذا كله في بوتقة التفاعل الحضاري، فكانت حضارة الإسلام ولا تزال مثالا نادرا للتفاعل بين الحضارات. ولقد كان لحيوية الإسلامية وقوتها الذاتية الدافعة لها إلى التطور والتقدم والإبداع الأثر القوي في نقل روح المدنية إلى العالم الغربي، وهو الأمر الذي يعترف به ويشهد له معظم الكتاب والمؤرخين والمفكرين الغربيين الذين برئوا من الهوى والغرض، وكتبوا بـإنصاف عن التفاعل الحضاري في الإسلام. ولعلنا لا نغالي إذا أكدنا هنا على أن الإسلام وهو دعوة الله إلى الناس كافة ورسالته – سبحانه وتعالى – إلى العالمين هو الدين الذي يدعو إلى التفاعل الحضاري دعوة صريحة قوية ويحث عليه حثا، على اعتبار أن الحوار الذي نادى به الإسلام هو في طبيعته وجوهره ورسالته تفاعل حضاري، كما لا نحتاج إلى أ، نقول بأ، قاعدة التسامح التي يقوم عليها الإسلام فتحت أمام الأمة الإسلامية السبيل إلى سبل الاحتكاك الواسع بالأمم والشعوب، وشجعت الحضارة الإسلامية على التفاعل مع الثقافات والحضارات جميعا، ونعني بالتسامح الديني – تحديدا – أن تكون لكل طائفة في المجتمع الإسلامي الحرية في تأدية شعائر دينها، وأن يكون الجميع أمام قوانين الدولة الإسلامية سواء. وإذا نظرنا إلى الإسلام من حيث مبادئه وتعاليمه الأصلية نجد أنه هو أرقى الأديان في تحقيق مبدأ التسامح الذي هو القاعدة الأولى للتفاعل الحضاري ([12]). وفي سياق التفاعل الحضاري المنشود يمكن القول باحتمال ان تتقدم حضارة على أخرى بهذا الجانب أو ذاك كما هو الشأن بالنسبة للحضارة الغربية في عالم اليوم، ولكن القول بأفضلية حضارة على أخرى هو قول متهالك، فمن يستطيع إثبات ان هذه الحضارة أفضل من تلك أو أغزر ثقافة أو حكمة وإنسانية وتسامحا، ولا يوجد في الواقع أي مقياس او معيار نقيس بههذه الأفضلية في كل الجوانب؟ هذا من جهة ومن جهة أخرى كيف يمكن الاقناع بأن العلاقة بين الحضارات محكومة بعلاقة الصراع لا التفاعل والحوار، وان انتصار حضارة في هذا الصراع هو انتصار أبدي وهل هناك أبدي باستثناء القيم العليا للإنسانية قيم الحق والخير والسلم والتعاون والتسامح والمشاركة في الحضارة واحترام الآخر وحقوق الإنسان والشعوب وثقافاتها وتقاليدها وقيمها الروحية والمادية وتجاربها ومنجزاتها؟ ([13]). ان شرط ازدهار هذه القيم في أية حضارة يرتبط أساسا بمدى قدرتها على التفاعل مع معطيات الحضارات الأخرى ومكناتها، وبالتالي الاعتراف بهذه الحضارات ومحاورتها وقبول تعددية الثقافات وتفهم مفاهيم وتقاليد الآخرين، واعتبار الحضارة الإنسانية نتاجا لتلاقح وتفاعل هذه الحضارات لا صراعها فيما بينها أو استعلاء بعضها على البعض الآخر. والحضارة الإسلامية منذ نشوئها وتكونها لم تخرج عن هذا الإطار التواق إلى التفاعل مع الحضارات الأخرى أخذا وعطاء، تأثرا وتأثيرا. لقد حمل العرب قيم الإسلام العليا ومثله السامية وأخذوا في نشرها وتعميمها في كل أرجاء الدنيا، وبدأت عملية التفاعل بينها وبين الحضارات الفارسية والهندية والمصرية والحضارة الأوروبية الغربية فيما بعد، ومع مرور الزمن وانصرام القرون نتجت حضارة إسلامية جديدة أسهمت في إنضاجها مكونات حضارات الشعوب والأمم التي دخلت في الإسلام، فاغتنت الحضارة الإسلامية بكل ذلك عن طريق التلاقح والتفاعل، وكانت هي بدورها فيما بعد عندما استيقظت أوروبا من سباتها وأخذت تستعد للنهوض مكونا حضاريا ذا بال أمد الحضارة الأوروبية الغربية بما تزخر به اليوم من علوم وقيم وعطاء حضاري متنوع. ذات الشيء يمكن قوله عن الحضارة الغربية التي لم تظهر فجأة بل تكونت خلال قرون عديدة حتى بلغت أوجها في عصرنا الحاضر وذلك نتيجة التفاعل الحضاري مع حضارات أخرى هيلينية ورومانية وغيرها، وبفعل التراكم التاريخي وعمليات متفاعلة من التأثر والتأثير خلال التاريخ الإنساني الحديث. إنه لولم يكن هنالك تفاعل حضاري، وكان بالمقابل تدمير ومحو كل حضارة لما قبلها من خلال صراعها معها لما كانت الحضارة الغربية على الصورة التي هي عليه الآن. إن مما قاله بر نارد لويس في معرض نقده لنظرية الصدام الحضاري: (لقد كانت هناك حضارات مهيمنة في الماضي، وبدون شك ستكون هناك أخرى في المستقبل، الحضارات الغربية تدمج حداثات سابقة عديدة بمعنى أنها مثرية بإسهامات وتأثيرات ثقافية أخرى سبقتها في الزعامة، وهي نفسها ستترك إرثا ثقافيا غربيا لحضارات أخرى ستأتي) ([14]). إن أكبر دليل على أن الصحوة الإسلامية لم تسع في أي وقت من الأوقات إلى التصادم مع الحضارة الغربية كما ينذر بذلك أصحاب نظرية الصدام الحضاري هو أن العرب والمسلمين لم يضعوا في أي زمن من الأزمان صوب اهدافهم القضاء على خصوصيات الحضارة الغربية وهويتها الحضارية كما نجد الفكر العربي والإسلامي قد اتجه بانفتاح وقوة صوب التراث الغربي للاستفادة منه وتطويره ، لقد كان هنالك فعلا استجابة سريعة للحضارة الإسلامية في تفاعلها مع الحضارة الغربية، وهذا ما لا نلمسه في الحضارة الغربية التي لا تسعى إلى الاستفادة من تراث ومعطيات الحضارات الأخرى. من جهة أخرى فإنه لما كان أمام العالم الإسلامي مهام مستعجلة لبناء الذات وتقدم المجتمع وازدهار الحياة فهو مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الانفتاح على آفاق العصر على امتداداتها والتفاعل مع الحضارات الأخرى. كما أن الدخول في حوارات جدية وهادفة مع دوائر عديدة وعلى مستويات متنوعة فيه إثبات للعالم أجمع أنه جدير بالمساهمة في صياغة حضارة إنسانية جديدة تسود فيها قيم الحق والفضيلة والتسامح والتعاون ومبادئ السلم. المبحث الثاني: الإسلام يتعايش ولا يتصادم على الرغم من الانهيار التلقائي للمعسكر الشيوعي فإن الغرب قد سعى إلى الترصد للقوى الحضارية المحتمل ظهور فاعليتها أو بالأحرى استعادة هذه الفاعلية على الصعيد العالمي بقصد وقف تأثيرها ونفوذها. وفي هذا السياق يكمن الموقف المتخذ ضد الإسلام والمسلمين والمتمثل في محاولة إظهار هذا الدين ومعتنقيه بصور مشوهة عديدة، لعل من أبرز ملامحها التشدد والتطرف والتعصب وعدم القدرة على (التعايش) مع الآخر. أن أصحاب نظرية الصدام الحاضري وهم يؤكدون على أن الحضارة الإسلامية هي المرشحة للتصادم مع الغرب يركزون على دعوى عدم قابلية الإسلام للتعايش مع الحضارات الأخرى، بزعم أنها حضارة إقصائية وانعزالية ومتعصبة وكل هذا فيه تجن واضح على الإسلام وحضارته. والذين يصمونه بتلك الصفات السلبية التي لا تسمح بالتعايش السلمي مع الآخرين لا يعرفون الإسلام في عقيدته وشريعته واخلاقه وغير ذلك من الجوانب التي تطبعها (المساحة) في أجلى واسمى معانيها. إن التعايش سمة مميزة للإسلام وملمح جامع يطبع كل جوانبه التشريعية والسلوكية إنها إحدى أهم قيم هذا الدين وصفاته المميزة التي تعني الحرية للبشر كافة والمساواة بينهم من غير تفوق جنسي أو تمييز عنصري. انه ليس هنالك ثمة ماهو أبلغ وأوفى بالقصد في الدلالة على عمق مبدأ التعايش في الإسلام من الآية الكريمة: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) ([15]). ذلك ان المساحة المشتركة بين المسلمين وأهل الكتاب مساحة واسعة، وإذا كان الإسلام قد جعل في قلوب المسلمين متسعا للتعايش مع بني الإنسان كافة ففيه من باب أولى متسع للتعايش بين المؤمنين باله، ويشهد التاريخ ان معاملة المسلمين لغيرهم في البلاد المفتوحة كانت مثالا رائعا من التسامح لا مثيل له في التاريخ، ولعل من أكبر الأدلة وأقوى الحجج على قيام الحضارة الإسلامية عبر العصور على أساس متين من التسامح في أسطع معانيه هو تعايش المسلمين مع أهل الديانات والملل والعقائد في البلدان التي فتحوها خلال قرون متطاولة وعهود مديدة، ويدل ذلك على أن التعايش مبدأ من المبادئ التي قامت عليها الحضارة الإسلامية والذي يرمي إلى القضاء على أسباب التوتر واضطراب حبال الأمن والسلام وعدم الاستقرار. إن من أبرز معالم التعايش السلمي الذي يقره الإسلام للآخر هو توفيره لغير المسلمين بوجود اندماجي يحافظ فيه على جميع مكونات شخصيته، وفي طليعتها المكون الديني وما يرتبط به من ممارسات وعادات بها يؤكد ذاته عقديا وثقافيا ونفسيا ومعها يثبت خصوصيات هويته مما يتحقق به الانتماء إلى ذلك المجتمع. ان المتأمل في دعوة الإسلام إلى التعايش السلمي يجدها قائمة على الحوار الفعال والجدي الذي هو في الإسلام حوار معرفي متكافئ يهدفإلى التفاهم والالتقاء على نقط وقواسم مشتركة وليس إلى التقابل الجدلي العنيف أو الصدام الحضاري كما يتوهم أن يكون، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) ([16]). وقوله سبحانه (ولا تجادلوا أهل الكتب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلنيا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون) ([17]). من جهة أخرى تنبني دعوة الإسلام إلى التعايش الحضاري بين الأمم والشعوب علىجملة من الأسس منها. 1ـ ان الإسلام يرفض القتال لإرغام المخالفين في الدين على اعتناقه وإكراههم عليه، قال تعالى (لا إكراه في الدين) ([18]). كما انه يحمي النفس الإنسانية أيا كانت عقيدتها أو جنسيتها إلا في حالة العدوان، ويعتبر قتل الفرد جريمة تعادل في بشاعتها قتل أبناء الإنسانية كلها، قال تعالى (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) ([19]). 2- ان دعوة الإسلام إلى التعايش والسلم لا تعني قبول العدوان والطغيان والاستسلام للظلم والفساد، وما إلى ذلك مما هو طعن في الحياة البشرية التي أقام الله شريعتها على أساس التعارف والتسامح والتعايش والتساكن. 3- ان الإسلام بهذه الدعوة السامية يعتبر الأصل هو الجنوح إلى السلم قال تعالى: (وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) ([20]). وقال أيضا: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطن انه لكم عدو مبين) ([21]). كما لا يدعو الإسلام إلى اللجوء إلى الحرب إلا عند الضرورة بدليل ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عن تمني القتال ودعا الصحابة إلى الثبات عند الاضطرار إليه، وذلك حين قال: (لا تتمنوا لقاء العدو وسَلوا الله العافية فإذا لقيتموه فاثبتوا واذكروا الله كثيرا) ([22]) ومن ثم فهو يعتبر الحرب خرقا للسلام وجريمة مالم تدع إليها حالات معينة تبيحها وتكون فيها عادلة ومشروعة ([23]). انه ليس بدعا إذن أن يكون الإسلام بهذا التفرد دين (التعايش السلمي) وليس دين الصدام الحضاري كم يُتـَّهم بذلك، فهو آخر الأديان، أي كلمة الله الأخيرة ، وقد استطاع ان يقيم أمة عاش في كنفها المسلمون وغيرهم، وعاشت هي في علاقات مع غيرها أساسها التعارف، مما جعل ويجعل للإسلام رسالة تبدأ من التوحيد وتنتهي بالدعوة إلى الوحدة التي يتعايش داخلها كل البشر تحقيقا للعدل الحضاري والمساواة والكرامة الإنسانية، بعيدا عن أي لون من ألوان الصراع وفي منأى عن أي مظهر من مظاهر الصدام الحضاري الذي يستحيل ان يكون الإسلام يحمل شيئا من بذوره. ان الإسلام بهذه المعاني والمبادئ السامية قد تجاوز كل عوامل ودعوات النزاع والصراع، وذلك بتسامحه وسعة آفاقه وقدرته الفائقة على الهضم والامتصاص ولَمَّ المنضوين في ظله حتى من غير المسلمين، ينظرون لأنفسهم وللآخرين وللكون من حولهم برؤية شمولية واضحة تتيح التعايش في نطاق التسامح والتساكن وتبادل المصالح والمنافع في أخذ وعطاء دائمين، مما لا تتحقق جدواه إلا انطلاقا من التعدد والتنوع وما ينشأ عنهما من خصوصيات وتميزات ينتهي بها التفاعل إلى الائتلاف والانسجام ويجمعها المدلول الحرب الذي عبر عنه القرآن الكريم بمفهوم التعارف الذي يتجاوز مجرد مظاهر العيش المشترك. المبحث الثالث: تعارف الحضارات، نفي للصراع وسعي إلى الحوار إذا كانت الدعوة إلى حوار الحضارات إحدى أبرز خصائص النصف الثاني من القرن العشرين بما شهده من مبادرات ودعوات سواء من الجانب الإسلامي أو من الجانب الغربي – الكنسي فإن العقود الأولى من القرن الذي استقبلناه يؤمل ان تشهد ترجمة حقيقية على أرض الواقع لمختلف الحضارات والثقافات، وهو ما سوف يشكل – لا محالة – تحديا بارزا لدعاة ومروجي مختلف النظريات الموغلة في التشاؤم حول صدام الحضارات والصراع فيما بينها وترشيح الحضارة الإسلامية لأن تكون محورا رئيسيا في ذلك الصراع المزعوم. وتبقى دعوة الإسلام من خلال المعطيات القرآنية المختلفة إلى تأسيس تعارف حضاري بَناء بين مختلف القوميات والثقافات والحضارات دعوة طموحة وهادفة ترمي إلى دحض وتفنيد المزاعم والدعاوي التي تجعل من الحضارة الإسلامية حضارة صدامية أكثر منها حوارية، كما تهدف إلى طرح مفهوم (تعارف الحضارات) كمبدأ إنساني حضاري هام له أكبر الدور في ردع النزاعات ومنع الصراعات من جهة وتقريب الأفكار والمسافات ونسج أواصر التعارف والتفاهم والتعارف بين الأمم والشعوب من جهة أخرى. ان دعوة الإسلام إلى تعارف الحضارات تمهيدا لحوارها وتلاقيها تنطلق من الآية القرآنية الكريمة: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ([24]). وهذا المفهوم القرآني القاضي بضرورة التعارف بين الشعوب والحضارات يهدف إلى غايات أنبل ومقاصد أوسع، ذلك انه ان لم يكن هنالك تعارف لن يكون هنالك حوار أو تفاهم، فالتعارف ينجم عنه دوما حوار هادئ وتعاون دائم، أما الحوار الذي يباشر بشكل مفاجئ فلا يعني بالضرورة حصول تعارف بين الأطراف، فكم من لقاءات حوارية أجريت على المستويين السياسي والديني لكنها باءت بالفشل لأن جميع أطرافها الذين أخذوا مكانهم حول مائدة الحوار لم يستطيعوا نسج أواصر التعارف والتواصل من قبل، فلبث كل طرف جاهلا للطرف الآخر. لقد راجت مصطلحات (حوار الحضارات) و(لقاء الحضارات) و(وحدة الحضارات) بشكل كبير في العقود الأخيرة، لكنها جميعا من إنضاج الفكر الغربي الذي يفرض كل مرة وحين من الأفكار والشعارات ما يناسب وضعه الاستراتيجي والأديولوجي في إطار الحضارة الغربية التي تجد نفسها دوما في تنافس وعداوة مع حضارات أخرى شرقية بالخصوص وإسلامية على وجه أخص. ان القرآن الكريم يؤسس لمبدأ التعارف بين الأمم والشعوب والحضارات (ليتعارفوا)، فالتنوع بين الناس إلى شعوب وقبائل وامتدادهم وتكاثرهم على ربوع الأرض لا يعني ان يتفرقوا أو تتقطع أواصرهم ويعيش كل شعب في عزلة عن الشعوب الأخرى، كما لا يعني هذا التنوع ان يتصادموا ويتنازعوا من أجل الثروة والقوة والسيادة، وإنما ليتعارفوا. إن للتعارف دورا كبيرا في الحيلولة دون وقوع النزاع أو الاختلاف بين الحضارات وهو يكفل نسبة كبيرة من نجاح لقاءات التفاهم والنقاش والتحاور لأنه يطال كل ما من شأ،ه ان يكرس قواعد مشتركة لأسرة إنسانية واحدة ذات أصل إنساني واحد (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى). وإذا كانت الدعوة إلى حوار الحضارات لم تؤت أكلها الكامل، ولم تنجم عنها نتائج ملموسة وواقعية على كافة المستويات، فإنما ذلك راجع بالأساس إلى عدم اكتشاف خصائص ومميزات وقيم الحضارات الأخرى وخاصة من جانب الحضارة الغربية التي ما فتئت تضمر العداوة وحب السيطرة والتنافس تجاه الحضارات الأخرى. ولعل هذا ما جعل بعض الخبراء الاستراتيجيين الغربيين كهنتنجتون يروجون لمقولة (صدام الحضارات) والتركيز على الحضارة الإسلامية كأكبر مرشح للاصطدام بالحضارة الغربية في المستقبل القريب. وإنما أوقعهم في ذلك جهلهم المطبق بتعاليم ومبادئ الإسلام السمحة وقيمه ومثله السامية والتأكيد بالمقابل على مايصدر اعتبار أنها التعبير الأمثل لحقيقة وجوهر الحضارة الإسلامية مع تسليط الضوء عليها وتغطيتها إعلاميا من طرف وسائل الإعلام الغربية، حتى أضحت تلك الصور الاستثنائية والمعزولة هي المهيمنة على الإدراك الغربي وهذا فيه تجن كبير وتجاهل واضح لروح الإسلام السلمية والسمحة التي تتمثلها النسبة الغالبة من المسلمين في كل أرجاء العالم التواقة إلى السلم والأمان والتعايش مع الآخرين في سلام ووئام وتبادل للمصالح والمنافع في أخذ وعطاء دائمين. إن أي تعايش حضاري ينادي به اليوم ينبغي أن يرتبط بالانفتاح الذي غدا سمة العصر، بعد أ، اختصرت المسافات وتقاربت الحضارات ومدت الجسور الثقافية والحضارية بين مختلف الشعوب، وكل انفتاح حضاري لابد أن يرتبط بضرورة ربط أواصر التعارف المتبادل، إن الحضارة الإسلامية تشتكي من الحضارات الأخرى – الغربية منها على وجه الخصوص – انها لا تعرفها بالصورة التي ينبغي ان تكون أو لا تعرفها إلا من خلال بعض الظواهر العابرة والسطحية والمحدودة، الأمر الذي يؤكد أنه مادام هنالك جهل بالإسلام وطبيعة حضارته فإنه يبقى من الصعب جدا محو آثار اتهام الإسلام بالنزعة الصدامية وغيرها من التهم والافتراءات المثيرة. إننا بهذا نؤكد على أن مصطلح (الحوار بين الحضارات) يكاد يفرغ من مضمونه ومحتواه الصحيح لأنه لا يقوم في أغلب الأحيان على أساس من التعارف المسبق الكفيل بانفتاح كل طرف على الآخر، كما لا يقوم أيضا على أساس من (احترام الخصوصيات الدينية والثقافية) لكل الحضارات والشعوب وذلك باستبعاد أي محاولة هيمنة فكرة كانت أو اقتصادية من أي جهة تريد فرض قطبية أحادية الجانب تسعى من خلالها إلى استغلال واحتكار عولمة كاسحة. إنه باحترام هذه الشروط يمكن فتح نوافذ التعارف بهدف تقريب الشقة بين مختلف الحضارات وجعلها ينفتح بعضها على بعض في سعي حثيث نحو تلاقح متميز وتفاهم مفيد ومثاقفة مجدية وفعالة. كل ذلك مع الاعتراف بوجود مساحات الاختلاف بين جميع الحضارات والأديان، وتمتع كل واحدة بخصوصياتها ومميزاتها مما لا يسمح بأدنى محاولات التذويب أو الانصهار. وهنا نود التنبيه إلى أن مفهوم (تعارف الحضارات) كما نرمي إليه لا يسمح بأدنى محاولات الاختراق الدينية ولا يهدف بتاتا إلى التقاء الديانات السماوية تبعا لالتقاء الحضارات كما تدعو إلى ذلك بعض التيارات الفكرية والدينية التي تسعى إلى صهر وإذابة مقومات الديانات السماوية الثلاث في بوتقة واحدة وضمن قالب واحد يحلو لزمرة منهم إرجاعه إلى ميراث إبراهيمي واحد. لقد قدم (غارودي) في كتابه من أجل حوار بين الحضارات ([25]) طرحا ناضجا حول مفهوم الحضارات حيث وجه نقدا قاسيا لسلوك الغرب في تاريخ علاقته بالأمم والحضارات غير الغربية حيث لم يسَع إلى التعرف عليها من خلال إعادة النظر إلى ذاته وإلى طبيعة علاقته بالآخر الحضاري من خارج محيطه الغربي، بل إن غارودي في كتابه لم يتردد في مطالبة الغرب بالاستفادة من التجارب الحضارية الأخرى – الإسلامية منها على وجه الخصوص – والتعلم منها والانفتاح عليها لأن طريق الحوار بين الحضارات لا يزال طويلا يحتاج إلى جهود كبيرة. وهذا ما أكده الامير (تشارلز) ولي عهد بريطانيا الذي يعتبر خطابه بمركز الدراسات الإسلامية بجامعة أكسفورد في أكتوبر 1993 واحدا من أنضج الخطابات السياسية في الغرب في الحديث عن الحوار وعلاقة الغرب بالإسلام، لقد جاء في الخطاب: (إننا مازلنا نحتاج إلى بذل جهد اكبر لتفهم كل منا الآخر، وأن نتخلص من سموم التفرقة ومن أشباح الخوف والتشكك، وكلما طال مشوارنا في هذا الطريق فإننا نكون قد خلقنا عالما لأطفالنا وللأجيال المقبلة (إن نظرة فاحصة إلى مستوى معرفة الغربيين بالعالم الإسلامي تؤكد بقوة ان الغرب – للأسف الشديد – لم يتعرف بعد- بالصورة المطلوبة – عل ىحقيقة الحضارة الإسلامية وجوهر الدين الإسلامي، ولا تنطبع في مخليته سوى مدلولات سلبية موغلة في التحامل والقدح ولا تسمح بالوعي الجيد بحقيقة الحضارة الإسلامية ورسالة الإسلام العالمية المنفتحة على كل الثقافات والحضارات والداعية إلى السلم والسلام والأمن والأمان. ان الغرب لم يتح لنفسه الفرصة الكاملة للتعرف على الإسلام دينا وحضارة والتعارف مع المسلمين شعوبا وقبائل وثقافات، وذلك لكي يعي حقيقة هذا الدين وبعده التام عن أية نية في إدخال العالم في صدام حضاري طالما تم الترويج له. إننا نستغرب حرص الغرب والدوائر الكنسية على عقد لقاءات الحوار والنقاش بين المسلمين والنصارى دون سابق وعي من الطرف الآخر بمدى تمثله لحقيقة الدين الإسلامي وحضارته، وهذا ما يجعل عقلاءهم – في لقاءات حوارية متعددة – يعترفون في كثير من الأحيان، عندما تتبين لهم حقائق الأمور بأنهم يجهلون الشيء الكثير عن حضارة الإسلام وقيمه، مما يستلزمهم التعرف أكثر على مبادئ الإسلام الصحيحة وتعاليمه الروحية وحضارته الإنسانية القيمة. إن الغربيين باتوا يجهلون عن الإسلام أبسط مبادئه وأدنى مرتكزاته الحضارية، من هنا جاءت ضرورة تعرف الطرف الآخر على منظومة الإسلام وحضارته في أزهى صورها وأنصعها وذلك قصد تمهيد السبيل للحوار والتلاقي والتفاهم، فالتعارف أساس وشرط كل مبادرة للحوار، إذ من مستلزمات وشرائط نجاح ملتقيات الحوار التعارف مسبقا واطلاع كل طرف على ما تختزنه حضارة الآخر في كل أبعادها الدينية والثقافية والفكرية قصد استيعابها وتمثلها جيدا من أجل الاتفاق على مواطن ونقاط التلاقي، وبالتالي مناقشة وتداول مواطن ونقاط الاختلاف. من جهة أخرى يظهر لنا من خلال صورة الإسلام المشوهة والكاريكاتورية التي يعمل الغرب على تمييعها ونشرها عبر مختلف وسائل الإعلام سوء الفهم العميق لمعالم الدين الإسلامي وحضارته وقلة المعرفة بحقائقه ومبادئه، وإن كنا لا ننكر أن الغرب ينهج في ذلك أحيانا منهج تعمد سوء الفهم وتبييت سوء النية. إن دعوة الإسلام إلى التعارف والتواصل والانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى ومد الجسور معها تهدف إلى إزالة الأحقاد والعصبيات ومحو كل أشكال العنصرية والكراهية ونزع فتيل النزعات والصراعات مما يكفل فتح المجال الواسع للتفاهم، خاصة وان هذا القرن الذي سيكون – لا محالة – عصر ثورة المعلومات والتقدم المذهل في وسائل الاتصال سوف يجعل العالم قرية كونية صغيرة من المفروض ان يتعارف سكانها ويفتحوا نوافذ التفاهم والتقارب على أساس من احترام الخصوصيات الدينية والثقافية لكل الحضارات والشعوب، وذلك بهدف تقريب الشقة بين مختلف الحضارات وجعلها ينفتح بعضها على بعض في سعي حثيث نحو تلاقح متميز وتفاهم مفيد ومثاقفة مجدية وفعالة، كل ذلك مع الاعتراف بوجود مساحات الاختلاف بين جميع الحضارات والأديان، يقول الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي عنان في محاضرته السالفة الذكر وهو يخلص في حديثه إلى ضرورة التعارف الحضاري: (هذه هي المنظومة الأخلاقية التي نحن بحاجة إليها: إطار من القيم المشتركة، إحساس بإنسانيتنا الواحدة تستطيع التقاليد المختلفة أن تتعايش في داخله. فالناس يجب أن يكونوا قادرين على اتباع تقاليدهم دون أن يحارب بعضهم بعضا، ويجب أن يتمتعوا بما يكفي من الحرية لتبادل الأفكار في مابينهم، ويجب أن يكونوا قادرين على أن يتعلم الواحد منهم من الآخر. وقد جاء في القرآن (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) مما يعني أنه يجب على كل أمة ألا تحرم فقط ثقافة الآخرين وتقاليدهم، بل وأن تترك لمواطنيها الحرية للتفكير المستقل) ([26]). إنه لا قيمة للحديث عن حوار الحضارات إذا لم يسع أتباع كل حضارة ودين إلى التعرف أكثر على الحضارات الأخرى وفهم مكوناتها واستيعاب قيمها ومُثلها قصد تصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة التي تكون قد تكونت بفعل ظروف وعوامل تاريخية وإيديولوجية معينة، من هنا نرى أن من أكبر أسباب عدم نجاح كثير من لقاءات الحوار الحضاري والديني التي تعقد بين الفينة والأخرى بين الجانب الإسلامي والجانب الغربي كون هذا الأخير – وباعتراف عقلائه ومنصفيه – لم يستطع حتى الآن تمثل قيمة الإسلام الحضارية وسمو مبادئه وتعاليمه الروحية التي تدعو إلى السلم والأمن والتسامح مع الذات ومع الآخر. إن الإسلام يدعو أتباع وأبناء الحضارات والثقافات إلى أن يتعاملوا فيما بينهم على أساس الانتماء إلى أسرة إنسانية مشتركة، تتفاعل في إطارها مختلف الروابط الحضارية بين الأمم والشعوب، وهذا الأمر كفيل بنزع فتيل الأحقاد والكراهيات والعصبيات التي طالما أنهكت الإنسانية برمتها بفعل الحروب المدمَّرة والصراعات المنهكة التي أثرت بشكل كبير على مستوى التقارب بين الحضارات والشعوب حتى أمست متنافرة متباعدة. فالتعارف كمبدأ إنساني حضاري سام له أكبر الدور في منع النزاعات والصراعات، فهو يقرب الأفكار والمسافات وينسج أواصر التعاون والتفاهم ويهدف إلى بناء أسس حوار حضاري مثمر وبناء. إن المبدأ القرآني في الدعوة إلى التعارف بين الشعوب والحضارات يهدف إلى تجاوز المصالح النفعية المحكومة بالأبعاد والميكانيزمات السياسية والاقتصادية، ويرمي أيضا إلى استبعاد وإقصاء المعايير القومية الضيقة في التفاضل بالأعراق والأنساب واللغات. لكن بالمقابل لابد من اعتبار الأسس الاجتماعية والأخلاقية القائمة على منظومة القيم والآداب لأنها الوحيدة الكفيلة باستمرار وتقوية أواصر ووشائج التقارب والتفاهم، ثم التعارف، فهي قواعد في التفكير والسوك يحكمها الضمير الإنساني السليم ويتفق على نظامها العام كل من كان سويا رشيدا. المبحث الرابع: القيم والقواعد المشتركة: أساس الحوار إن مسألة الحضاري بين الإسلام والغرب هي مسألة التفاعل الإنساني والثقافي بين أتباع الحضارتين، وهي تهدف إلى تغيير النظرة الاستعدائية والتخلي عن التصنيف النمطي المتوارث من مخلفات الماضي. إن الحوار الحضاري شأن ثقافي يجانب المسائل الدينية الصرفة المرتبطة بفرضايت ومبادئ ومواقف إيمانية يعتبرها أصحابها مسلمات مطلقة، لكنه يتناول الجوانب الأخرى من آفاق الانفتاح والتواصل الإنساني التي يشترط تحققها الاعتراف بالآخر وتفهم مشكلاته ومقاصده وإدراكه على قدم المساواة وعدم استهدافه بالتمييز أو التحقير أو الإلغاء أو محاولة ذلك. وإذا كان الحوار بين الحضارات يتحول تدريجيا في العالم الغربي ليكون نتاجا لتطورات ثقافية وإنسانية تدعو إليه وتفرضه، فإنه بالنسبة لنا نحن المسلمين حاجة وجودية للقلق العميق الذي يخالط تجددنا الاجتماعي والقيمي والسياسي في مواطننا الأصلية وفي بقاع انتشارنا في العالم، فالمتغيرات التي تحدث على مستوى العالم بعد اهتزاز التكوينات السياسية والايديولوجية والبشرية أمام تحديات الحداثة تواجهنا كما تواجه الآخرين بتحديات ومخاطر لا نستطيع كما لا يستطيعون مواجهتها منفردين ([27])، لذلك بات لزاما على كلا الطرفين البحث عن سبل التلاقي والتواصل عن طريق البحث عن أرضية مشتركة للتعاون بدل المجابهة، والانفتاح بدل الانغلاق، والتفاهم بدل التجاهل. إن هناك تعاونا اقتصاديا وثقافيا وسياسيا بين العالم الإسلامي والغرب، ولكنه ليس كافيا ولا يندرج في غالب الأحيان في السياق العام لمنظومة الحوار الحضاري بين الجانبي، والسبب في ذلك – ببساطة – هو أن تنسيق المصالح والمنافع (السياسية والاقتصادية) ينبغي أن يسبقه الفهم الحقيقي المتبادل على الصعيد الثقافي والحضاري والديني. إن المطلوب هو تجاوز الوقوف أمام العوامل السلبية في تاريخ العلاقات بين الإسلام والغرب وتجاهل مابين الحضارتين من نقاط التقاء عديدة وقواسم مشتركة. وينبغي الاعتراف في هذا الصدد بأنه لا تزال توجد غربة فكرية للمسلمين عن الحضارة الغربية وغربة فكرية أعمق للغربيين عن الإسلام، لكن هذه العوائق يمكن أن تتبدد كلما كثرت اللقاءات الحضارية والثقافية بين الجانبين. إن الحوار في القضايا المشتركة بين المجتمعات الإسلامية والغربية المتنوعة كفيل بتحقيق نوع من التقارب والتفاهم خاصة على مستوى القيم الفكرية والغنسانية التي يتلقي حولها الجميع، وهنالك محاولات واسعة للتقارب تجريها منظمات ومؤسسات دولية يمكن أن تؤسس لقاعدة قوية لتعاون أعظم والتزام مشترك قصد مجابهة ومواجهة نزعات الصراع والصدام والعداء ومحابة قوى الشر والعدوان التي تهدد العائلة الإنسانية، وهنا لابد من التأكيد على حيوية ودور الدين كجزء أساسي في السعي نحو التعاون والسلام والتآلف بين الأمم والشعوب، وإذا كان الإسلام والمسيحية يدعوان بقوة إلى قيم العدل والمساواة والتسامح مما يشكل قواعد مشتركة للتعاون وحل المشاكل الإنسانية العالقة فإن في ضوء ذلك يمكن الإطلالة على المسألة السياسية في القيم المشتركة الإنسانية العالقة فإن في ضوء ذلك يمكن الإطلالة على المسألة السياسية في القيم المشتركة في الحضارتين في قضايا الظلم والعدل والحرية والعبودية والاستكبار والاستضعاف في ساحة الصراع المتنوع في العالم كله.. لذلك ينبغي التخطيط لمواجهة الاستكبار السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي الذي يضغط بقوته الكبرى على صعيد الواقع الذي يعيشه المستضعفون في كل شؤون حياتهم من الفقر والجهل والتخلف والضياع مما يعمل المستكبرون على تطويره وتنميته حتى لا يستطيع هؤلاء أن يقفوا على أقدامهم بقوة وصلابة وثبات) ([28]). إن القضايا التي يجب التركيز عليها في حوار الإسلام مع الغرب مما يشكل قواعد مشتركة ينبغي استثمارها والتأكد على أهمية توظيفها في سياق التواصل واللقاء الحضاري ترتبط بصورة أساسية بمسائل التعاون من أجل إقرار المبادئ والتعاليم الدينية المشتركة التي تحث على احترام الحياة الإنسانية وعلى السعي في الأرض من أجل الخير والأمن والسلام ومقاومة العنف وانتشاره هنا وهناك بدعاوى مختلفة، وعلى محاربة الإلحاد والرذيلة والظلم والطغيان، وعلى دعوة الناس إلى تفهم قناعات ومبادئ الآخرين وتوحيدهم على قيم المحبة والتسامح والإخاء الإنساني. وهذه كلها تعتبر مساحات واسعة للعمل المشترك في سبيل خدمة البشرية وإنقاذ العالم من الشرور. وإذا كان الإسلام يشترك مع المسيحية في كثير من القيم الروحية والإنسانية مما يعتبره المتحاورون حول موائد الحوار الإسلامي – المسيحي في كثير من القيم الروحية والإنسانية مما يعتبره المتحاورون حول موائد الحوار الإسلامي – المسيحي قواعد مشتركة للتفاهم حول قضايا دينية عالقة، فإن الغرب في حواره مع الحضارة الإسلامية مطالب بمسايرة أهداف الكنيسة ومبادئها تجاه الإسلام، وهي المبادئ التي تبدو متفهمة ومتسامحة وداعية إلى التعايش والتفاهم خاصة بعد صدور قرارات اجتماعات المجمع الفاتيكاني الثاني عام 1965 والتي أبانت عن توجه جديد لدى الكنيسة الكاثوليكية في علاقتها مع الإسلام. فعلى الغرب إذن الذي يعتبر نفسه أكبر من المسيحية التي تجاوز مرحلتها أن يستأنس في حواره مع الإسلام، مبا تم تكريسه والاتفاق عليه من قضايا وجوامع مشتركة يمكن أن تسهم في قطع أشواط ذات بال في مسيرة الحوار الحضاري المنشود بين الإسلام والغرب. بيد أنه ينبغي الاعتراف بأنه إذا كانت الحضارة الإسلامية تستند في خلفيتها الفكرية والثقافية إلى المرجعية الدينية مستمدة منها الأسس القيمية والأخلاقية التي تفيد في تقويم وتهذيب وتصويب المسار الحضاري المعتبر، فإن الإشكال القائم في سياق الحديث عن القواسم المشتركة بين الحضارتين كركيزة للتفاهم وأساس للحوار يتمثل في كون الغرب لا يعتمد على مرجعية الكنيسة ومجامعها، وهي المرجعية التي قلنا بأنها متفهمة وداعية إلى التعايش والتحاور مع المسلمين. فالقيطعة الحاصلة بين الغرب المادي والكنيسة النصرانية تحول دون انسجام المواقف وتقارب المبادرات، كما أن آثار الدعوة إلى الحوار ونبذ روح الكراهية وتحقيق السلم العالمي والمساواة الاجتماعية مما أصبحت تدعو إليه الكنيسة منذ أكثر من ثلاثة عقود، كل ذلك لايكاد يظهر على عمل الأجهزة المؤثرة وأصحاب القرار القوي في الغرب الذي تتحكم فيه مؤسسات سياسية واقتصادية وفكرية رهيبة تحقق من وراء تكريسها لروح العداء والظلم والكراهية بين الإسلام والغرب مصالح استراتيجية ذات بال. إن الغرب مطالب بالعودة إلى قيم المحبة والتسامح والتعايش ورفع الظلم والعدوان والاستكبار من أجل تهيئة المناخ الملائم لإقامة جسور الحوار مع العالم الإسلامي، وإذا كانت القيم والقواعد المشتركة تعتبر نقطة انطلاق أساسية في كل حوار مثمر وبناء، فإن في القيم الدينية والروحية المشتركة بين الإسلام والغرب كحضارتين عالميتين إنسانيتين ينتظر منهما الشيء الكثير من أجل بناء صرح حضاري فعال. غير أنه في الوقت الذي يطالب فيه الغرب بالعودة إلى القيم المسيحية الأصلية، قيم المحبة والتسامح والعدل والتعايش المشترك والاحترام المتبادل لتحقيق الوفاق مع الإسلام فإن أتباع الحضارة الإسلامية مطالبون أيضا بالارتقاء في التعامل والسلوك الحضاري إلى مستوى قيم الإسلام الدينية والثقافية والحضارية واتخاذ المواقف العملية المتناغمة معاه في صلابة وثبات على المبادئ وانفتاح على المتغيرات وما يفرضه تحقيق المصالح الأساسية. خاتمة إن بناء وعينا الحواري على المستوى الحضاري مع الغرب في عصر الصحوة الإسلامية لا يمكن أن يستند فقط إلى ما أحدثته نظرية الصدام الحضاري من لَغَط واسع وتخوف شديد من تدهور محتمل للعلاقة بين الحضارتين، لأنذلك سيُوقع النظرة إلى ضرورة الحوار الحضاري وحتميته في الاختزال الشديد الذي يرسم جزءا من الصورة دون الإحاطة بأبعادها كافة. فواجب الحوار بين الحضارتين الإسلامية والغربية يبقى أمرا حتميا لأن الحضارات كيفما كانت هي مسالمة بطبيعتها والعنصر الثقافي البارز في كل حضارة لا يمكن أ، يكون سببا في صراع الحضارات أو نزاعها وإنما الدول والسياسات الدولية السائدة هي التي تتصارع وتتصادم وفق تجاذب للمصالح والاستراتيجيات السياسية والاقتصادية، فالسياسات لا تصنعها الحضارات بل الدول والحكومات الساعية إلى تحقيق مصالح ذاتية لأمتها. لقد جرت محالتان لتعامل الغرب مع الحضارة الإسلامية، توسلت المحاولة الأولى امتصاص الإسلام وتوسلت الثانية عزله. وقد مُنيت المحاولتان بالفشل، وجاءت المحاولة الثالثة لتهدف إلى تهميش الحضارة الإسلامية عن طريق التخويف منها والإيهام بأنها تسعى إلى التصادم مع الغرب وإشعال فتيل النزاع معه. لقد آن الأوان لوضع حد للنظريات الصدامية بالحضارة الإسلامية التي تتوهم وتريد أن تـُوهِم بأن الإسلام لا يصلح التعامل معه كتيار رئيسي يصب في الحضارة الإنسانية الشاملة. وقد حاولنا من خلال هذا البحث أن نثبت أن أصحاب مثل هذه النظريات الموغلة في التشاؤم يهدفون إلى تحويل العالم إلى عالم نمطي موحد متشابه تـُلغى فيه الخصوصيات الحضارية وتذهب إلى الظل هي وثقافاتها وهوياتها، وهم في ذلك يتوهمون أن الحضارة الإسلامية ستكون عَصِية عن التطويع والاستيعاب والاستسلام، وبذلك سوف يكون تحديها للهيمنة والتسلط الغربي عبارة عن صدام حضاري مفجع. إنه الوهم والإيهام بأن الإسلام كدين وحضارة يحمل في طياته نزعة صدامية للحضارة الغربية، في حين أن نصوصه ومبادئه كلها تفوح بنظرة تفاؤلية إلى العالم ومستقبل البشرية، فالحوار والتعايش مع مختلف الأقوام والملل والشعوب والتفاعل والتواصل الحضاري، كل ذلك يعتبر أهدافا نبيلة وغايات سامية ترمي الحضارة الإسلامية إلى تكريسها والدعوة إليها. بيد أنه ينبغي التنبيه إلى انه إذا استغرقتنا المواقف الدفاعية في معركة الصراع الحضاري وأصبح كل فعلنا الرد على التهم التي توجه إلينا دون وعي بآلية الصراع والتحكم بإدارته نتحول من أن نكون أحد أطراف الحوار المستخدمين لأدواته إلى أداة للحوار وميدان له ونخضع لتحكم الآخر بتفكيرنا ونشاطنا، بحيث يصبح الزمام بيده، فيكفي أن يلقي إلينا بالتهم التي يريد ويحدد الزمان الذي يختاره ومكان المعركة التي تناسبه، ونحن ما علنيا إلا رد الفعل.. فيققدنا زمام المبادرة وتصير حياتنا رد فعل عفوي بعيدا عن الفعل المختار. إن تمتين كل حوار منشود بين الإسلام والغرب يقتضي إعادة طرح جديد يُبني على الوضوح ويلتزم بأخلاقيات الحوار، ويعيد النظر في الأهداف والوسائل الموصلة إلى ذلك، ولن يكون هذا مجديا في رأينا إلا إذا تم توسيع قاعدة هذا الحوار ليصير حوارا ثقافيا مدنيا يشمل كل المكونات والفعاليات الثقافية في المجتمعين المتحاورين. ويبقى الأمل العريض الذي ينبغي النظر إليه بتفاؤل من طرف أتباع الحضارتين الإسلامية والغربية هو أن حتمية الحوار الحضاري أمر واقع لا محالة طال الزمن أم قصر، لأنه في نهاية الأمر لابد أن تنتصر الإرادات والعزائم الساعية إلى إدارة الحوار الحضاري بين الطرفين وتفعيل العمل المشترك الذي يحركه الفهم والوعي المشتركان للمخاطر التي تحدق بالبشرية. لائحة المراجع المراجع العربية: * التويجري (دعبد العزيز): الأمة الإسلامية في مواجهة التحدي الحضاري (سلسلة المعرفة للجميع رقم 3 الرباط 1999). * الجابري (محمد عابد): قضايا في الفكر العربي المعاصر، مركز دراسات الوحدة العربية، ط أولى 1997 بيروت. * جارودي (روجيه): من أجل حوار بين الحضارات، ترجمة عادل العوا منشورات عويدات ببيروت 1978. * ديو رانت (وول): قصة الحضارة، طبعة بيروت، بدون تاريخ. * د. السايح (أحمد عبد الرحيم): أضواء على الحضارة الإسلامية، دار اللواء بالرياض 1401. * سعيد (إدوارد): تغطية الإسلام، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت 1983. * السعيدي (ابراهيم) ومونية رحيمي: صدام الحضارات، سلسلة الحوار، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 1999. * د. عزوزي (حسن): الإسلام والغرب: قضايا ومواقف، الطبعة الثانية 1999 فاس. * د. عمارة (محمد): الغزو الفكري وهم أم حقيقة، طبعة الأزهر 1988. * د. عمارة (محمد): العطاء الحضاري للإسلام، طبع دار المعارف بالقاهرة 1997. * فريتز (ستيفان): رد ألماني على هنتنجتون : المنظومة الإبراهيمية للحوار ، نشرة شؤون الأوسط ع 39/ 1995. * فضل الله (محمد حسين): في آفاق الحوار الإسلامي المسيحي، طبع دار الملاك – لبنان 1994. * فوكوياما (فرانسيس): نهاية التاريخ ودوريات أخرى، ترجمة يوسف جهماني ط أولى 1993 ببيروت، دار الحضارة الجديدة. * لويس (برنارد) و إدوارد سعيد: الإسلام الأصولي، دار الجيل، بيروت 1994. * د. محفوظ (محمد): الإسلام، الغرب وحوار المستقبل، طبع المركز الثقافي العربي بالبيضاء (طبعة أولى 1998). * د. المدغري (عبد الكبير العلوي): الحوار بين الحضارات (درس حسني 1992). * د . المنجرة (المهدي): الحرب الحضارية الأولى، الطبعة الأولى بالدار البيضاء 1991. * د. مؤنس (حسين): احضارة، دراسة في أصول وعوامل قيامها وتطورها، سلسلة عالم المعرفة الكويتية، ع 237، الطبعة الثانية (شتنبر 1998). الدوريات: 1ـ الإسلام اليوم، إصدار الإيسيسكو العدد 14/ 1996. 2- الاجتهاد اللبنانية، ع 26 – 27 (س 7/1995). 3- التوحيد، الصادرة عن مؤسسة الفكر الإسلامي ، س 18، ع 101، خريف 99). 4- الثقافة العالمية، السنة 13، العدد 77 (يوليوز 1996). 5- قضايا دولية العدد 214، السنة الخامسة 1994. 6- (المجلة) اللندنية. حوار مع هنتنجتون العدد 896 (19 أبريل 1997). 7- مستقبل العالم الإسلامي (سلسلة دورية يصدرها مركز دراسات العالم الإسلامي بمالطا (العدد 9 / 1993). 8- Economist, August 6 th,1994 المراجع الأجنبية 1- Barreau “J.C”: l.Islam en general et du monde moderne en particulier: Paris 1991. 2- Samuel. P.Huntington: The Clash of civilizations and the remaking of world order ed. Simon and chester 1996. 3- Samued.P Huntington: If not civilization, what?”Paradigms of the Post-Cold war world” Foreign Affairs, 72,5 (Nov – Dec 1993) 4- Gilles Kepel: les banlieus de l’Islam – Paris 1987. 5- Hans Kung;Lechristianisme et les reigions du monde,ed Le Seuil,Paris 1986. 6- Lesis (Bernard) Le retour de l’Islam,ed Gallimard, Paris 1985. -------------------------------------------------------------------------------- [1]– رئيس تحرير مجلة كلية الشريعة – جامعة القرويين - فاس. [2]– مستقبل العالم الإسلامي (سلسة دورية يصدرها مركز دراسات العالم الإسلامي بمالطا ) العدد9 (السنة 3/1993) ص 144 . [3]– د محمد عمارة، الغزو الفكري وهم أ/ حقيقة، طبعة الأزهر 1988 ، ص 205. [4]– د. محمد محفوظ، مرجع سابق ، ص 137. [5]– Hans kungU Le christianisme et les religions du monde, ed le Seuil, Paris 1986 p140 [6]– إنه ما يعبر عنه - للأسف الشديد – كثير من الساسة وأصحاب القرار في الدول الغربية ، فكولينباول قد صرح منذ عشر سنوات تقريبا قائلا: (نحن الآن القوة الأعظم، نحن الآن اللاعب الرئيسي على المسرح الدولي وكل مايجب علينا ان نفكر فيه الآن هو مسؤولياتنا عن العالم بأسره ومصالحنا التي تشمل هذا العالم كله) (جريدة الأهرام المصرية 19/6/1992). [7]– د. محمد عمارة: العطاء الحضاري للإسلام ، دار المعارف بالقاهرة 1997 ص 121. [8]– المائدة/ 48. [9]– هود/ 118 - 119. [10]– البقرة/ 284. [11]– د. عبد العزيز بن عمثان التويجري : الأمة الإسلامية في مواجهة التحدي الحضاري، سلسلة المعرفة للجميع رقم - الرباط 1999) ص 74. [12]– العالم الإسلامي (تصدر عن رابطة العالم الإسلامي، عدد 15 فبراير 1999 ص 3. [13]– مجلة التوحيد، عدد سابق، مقال لحسين العودات، ص 81 . [14]– برنارد لويس: الحضارة الغربية دمج حداثات، والإسلام أول من سعى إلى العالمية. السفير البيروتية (7/2/1997) ترجمة فؤاد حطيط عن دورية (شؤون خارجية الأمريكية عدد يناير 1997). [15]– آل عمران/ 64. [16]– النحل/ 125. [17]– العنكبوت/ 46. [18]– البقرة/ 256. [19]– المائدة/ 32. [20]– الأنفال/ 61. [21]– البقرة/ 208. [22]– الحديث أخرجه البخاري في كتاب الجهاد عن أبي هريرة. [23]– مجلة (الإسلام اليوم) الصادرة عن الإيسيسكو، العدد 14/ 1996 ، ص 39. [24]– الحجرات/ 13. [25]– روجيه غارودي: (من اجل حوار بين الحضارات) صدر في فرنسا عام 1977 وتم تعريبه عام 1978 من طرف عادل العوا، منشورات عويدات ببيروت. [26]– جريدة الشرق الأوسط اللندنية ليوم 28/6/1999. [27]– مجلة الاجتهاد البيروتية، عدد 31 – 32 ، س 8/ 1996، ص 35. [28]– د. محمد حسين فضل الله: في آفاق الحوار الإسلامي المسيحي، ط دار الملاك – لبنان، ط أولى 1994 ، ص 96.