مضاعف. فهل هذا التفسير صحيح؟ إن المهندس لو أنفق عشرين سنة للوصول إلى مستوى معين من الخبرة ومارس العمل عشرين سنة أُخرى، فسوف يحصل ـ على أساس التحليل السابق ـ على قيمة تساوي قيمة عمل الحمال في أربعين سنة. فهل هذا هو الواقع؟ وهل توافق عليه الدول؟ إن الاتحاد السوفياتي نفسه يرفض ذلك فربما زاد راتب العالم الفني فيه على راتب العامل البسيط بعشرة أضعاف أو أكثر بالرغم من انه لم يصرف تسعة أضعاف عمر العامل البسيط في الدراسة وبالرغم من توفر العمال الفنيين كتوف القوى العاملة البسيطة مما يرجع الفرق إلى قانون القيمة دون ظروف العرض والطلب. وأما المشكلة الثانية (مشكلة القياس النوعي للعمل) فقد حلتها ـ بزعمها ـ عن طريق أخذ (العمل الاجتماعي المتعارف) مقياساً للقيمة. وعليه فالعامل الذي يتمتع بشروط ترفعه عن المتعارف يمكنه أن يخلق لبضاعته خلال ساعة قيمة أرقى مما يخلقه العامل المتعارف خلالها. وخطأ الماركسية يكمن في أنها ترى أن الظروف هي عوامل تساعد العامل في إنتاج كمية أكبر في وقت أقصر فينتج مثلا مترين من النسيج خلال المدة التي يمكن للعامل المتعارف أن ينتج فيها متراً واحداً ولكنها تغفل عن الامتيازات الكيفية في السلع المنتجة وذلك نلاحظه في عمل رسامين لمدة ساعة على تصوير لوحة لكل منهما ولكن إحدى اللوحتين كانت أبدع بكثير من الأُخرى نتيجة الاستعداد الطبيعي لراسمها. ولا يستطيع الآخر أن يأتي بمثلها حتى ولو ضاعف الوقت فليست المسألة مسألة كمية فقط. وليس هناك من يرضى باستبدال هذه بتلك مهما كانت طبيعة السوق ونسبة العرض فيه إلى الطلب. فنوعية الصورة وروعتها لا تعبر عن مقدار العمل بل عن نوعية العمل المنفق فلا ينفع إذن المقياس الكمي لوحده لقياس كل القيم التبادلية. الرغبة الاجتماعية هي السر: رأينا بعض العقبات في وجه نظرية ماركس في تفسير القيمة والتي اضطر إليها بعد أن استبعد المنفعة الاستعمالية فلم يجد العنصر المشترك بين السلعتين المتبادلتين إلاّ في العمل المنفق،