@ 28 @ $ مراسلة السلطان أبي عبد الله محمد المستنصر بالله الحفصي للسلطان المنصور بالله يعقوب بن عبد الحق رحمهما الله $ .
كانت دولة بني أبي حفص أصحاب تونس وإفريقية فرعا من دولة بني عبد المؤمن وشعبة منها حسبما نبهنا عليه غير مرة ولما ضعفت دولة بني عبد المؤمن بمراكش والمغرب كان صاحب إفريقية أبو زكرياء يحيى بن عبد الواحد الهنتاني يأمل الاستيلاء عليها والتملك لها ويتمنى ذلك لو ساعده القدر لأنه كان يرى انه اولى بتلك الحضرة من غيره حتى من بني عبد المؤمن لأنها أرض سلفه وموطن أصله وعشيرته لأن عمالة مراكش لم تعرف إلا للمصامدة من قديم الزمان وقبيلة هنتانة هي صميمها وذؤابتها فبهذا ونحوه كان بنو أبي حفص يتطاولون إلى ملك مراكش ولما نبغ بنو مرين بالمغرب وغلبوا على الكثير من ضواحيه كانوا يدعون إلى أبي زكرياء الحفصي تأليفا لأهل المغرب واستجلابا لمرضاتهم وإتيانا لهم من ناحية أهوائهم إذ كانت صبغة الدعوة الموحدية قد رسخت في قلوبهم فلو دعوا إلى غيرها من أول الأمر لحاصوا عنها حيصة حمر الوحش ولما لم يمكن بني مرين أن يدعوا إلى بني عبد المؤمن لأنهم أقتالهم وإياهم ينازعون ولهم يحاربون ويجالدون دعوا إلى طاعة الحفصيين الذين هم فرع منهم والدعوة إلى الفرع كالدعوة إلى أصله فلم تنفر نفوس أهل المغرب عنها وإنما كان بنو مرين يسرون من ذلك حسوا في ارتغاء ولهذا لما استقل السلطان يعقوب بالأمر وتمكن له السلطان بالمغرب قطع دعوة الحفصيين حالا بعد أن كان أولا يدعو إليها هو وإخوته من قبله وكان بنو أبي حفص ينشطون لذلك ويهادون بني مرين ويمدونهم بالمال والسلاح وغير ذلك ولما عزم السلطان يعقوب على منازلة مراكش كتب إلى أبي عبد الله محمد المستنصر بالله بن أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص يخبره بذلك ويستمده حتى