ـ(37)ـ
ولا يكتفي الطلبة بالحضور في حلقة الدرس فحسب، بل ربما يقبلون على ما يقرره أحد نظرائهم المتفوقين، ويسمى هذا (تقريراً) ومن يمارسه (مقرراً)، وهو نظير (المعيد) في سالف الأزمان، وهو الذي كان يكرر الدرس للطلبة.
ويقوم هؤلاء الطلبة بطرح البحث ومذاكرته بينهم على شكل مجاميع صغيرة تتكون من طالبين أو ثلاثة بعد الفراغ من الدرس، ثم يدونونه، وربما يطبعونه تحت عنوان (تقريرات درس الأستاذ) ويعرضونه على الأستاذ، فيوقع في أوله بخطه إقراراً واعترافاً بمرتبة علم التلميذ، أو بلوغه درجة (الاجتهاد) المطلق أو دونه، وهو بمثابة شهادة من الأستاذ للتلميذ.
والمسألة التي وقع اختياري عليها هي: (الفرق بين الحق والحكم)، وهذا ليس ببعيد عن موضوع الندوة. وقبل الخوض فيها نمهد لها مقدمة نبين فيها سر اختلاف الفقهاء اختلافاً فاحشاً في تعريف العقود وما يرجع إليها مثل: الملك والمال.

المقدمة
إن المفاهيم التي تحكي عنها الألفاظ على أربعة أقسام:
الأول: الحقائق الخارجية التي لا دخل لاعتبار الإنسان فيها وتصويرها في الذهن، وهي بحسب النظر البرهاني عند الفلاسفة قسمان: جوهر وعرض، ويعبرون عن أقسامها بالمقولات العشر.
الثاني: المفاهيم الذهنية: أي: ما يتصوره الذهن عن تلك الأمور الخارجية والتي يعبر عنها بالوجود الذهني إذ أنه موجود في صقع الذهن انعكاساً عما هو خارج الذهن.
الثالث: المفاهيم التي لا وجود لها عيناً إلاّ بانتزاعها عما يلازمها في الخارج، ويعبر عنها بـ (المعقولات الثانية) وهي: موضوع البحث في علم المنطق، وفي قسم المباحث العامة في الفلسفة، وهذا القسم موجود في ظل وجود القسمين الأولين، بحيث