ـ(54)ـ
التفسير فيما بعد، وبلغ مبلغا خاصا على يد المعتزلة وبعض مفسري الشيعة كالشريفين الرضي(ت 406 هـ) والمرتضى(ت 436هـ) في كتابيهما(حقائق التأويل) و(غرر الفرائد ودرر القلائد) ثم مضى يشق طريقه إلى عصر الزمخشري(ت 538 هـ) وفخر الدين الرازي(ت 606 هـ)، ومن جاء بعدهما حتى يومنا هذا.
ولسنا هنا بصدد الحديث عن مشروعية هذا التفسير أو عدم مشروعيته، بل إن موقفنا من تقويم أي تفسير من هذا النوع يقوم على أساس التزام المفسر بالشروط المحددة للتفسير العقلي، لا على أساس عقيدة المفسر ومذهبه في الأصول، كما فعل الذهبي في(التفسير والمفسرون) حيث قسم التفسير بالرأي إلى ممدوح وجعل فيه تفسير الأشاعرة، والى مذموم وضمنة تفسير المعتزلة والشيعة في الدرجة الأولى، بحجة أنهم أقاموا تفسيرهم على أصول فكرية تخالف الأصول الفكرية للأشاعرة.
والحقيقة التي لا يمكن إنكارها: أن التفسير العقلي ضرورة تمليها الظروف الفكرية والاجتماعية والساسية للامة الإسلاميّة، إضافة إلى أنه وجود طبيعي في كيان الأمة، تقتضيه سنة التطور في الحياة.
وقد احتفظت لنا المكتبة الإسلاميّة بكتابين يرجعان إلى القرن السادس الهجري، ضمن خطة خراسان ـ موضع البحث ـ يقومان على أساس التفسير بالرأي هما:(جوامع الجامع) للطبرسي(ت 548 هـ) و(التفسير الكبير) للفخر الرازي.
وقد آثرنا اعتبار الفخر الرازي ضمن القرن السادس الهجري، لأنه عاش معظم حياته العلمية في هذا القرن، وإن كانت وفاته في أوائل القرن السابع.
وهناك تفاسير، عاش أصحابها في القرن السادس الهجري، لم يتضح لنا بصورة دقيقة