/ صفحه 67/
المتعلق بإراقة الدم، وأنه عازم عزما أكيدا قبل الذبح وحينه على طمر ذبيحته أو إحراقها كما يجري ذلك في الحج كل عام، فيذبح الحاج ويدفع نقودا لمن يقبل الهدى ويدفنه؟
حول هذه المسألة فحسب يدور كلامي في هذا المقام.
أمالو أمكن بالتقديم أو التأخير شرعا عن تلك الحالات الخاصة، أو أمكن تجفيف اللحم، أو استخدام إحدي الوسائل الحديثة لحفظه وادخاره في غلاف يدرأ عنه الفساد؛ فلا ينبغي لأحد الشك والتوقف في الجواز لوضوحه وبداهته، حيث يتحقق بذلك امتثال التكليف والفائدة المطلوبة، وبالجملة إن مانتكلم عنه هو الانحصار وعدم وجود أية مندوحة عن الطمر أو الإحراق.
لايسوغ لإنسان أن يأتي بعمل ما، قاصدا به القرب من الله سبحان، بقصد أنه تعالى طلب الفعل منه وتعبده به، مالم يعلم بإحدي الطرق المشروعة أنه مأمور به من قبل الله سبحانه، وإلا كان من التشريع المحرم شرعا وعقلا. وبعابارة ثانية إن العبادة من الأمور التوفيفية ويشترط في صحتةا قصد امتثال أمره تعالى المتعلق بالفعل المتقرب به إليه. فاذا لم يكن أمر فلا عبادة ولا تعبد.
وتثبت أو امرالله وأحكامه بالكتاب أو السنة قولا أو فعلا أو تقريرا أو بالاجماع، أما الكتاب فليس في آية من آياته نص صريح على جواز أو وجوب إراقة الدماء في الحج المستلزمة ترك اللحوم للفساد، ولم يرد في رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أو فعل ذلك أو أقر أحداً عليه، فسياق القرآن والأحاديث واحد من وجوب الهدى في مكان وزمان معينين.
ومن المقرر أن الشارع لم يتخذ لبيان أحكامه سبيلا غير السبيل التي سلكها الناس في التفهيم والتفهم، فقد جرع عادته في التخاطب على طريقتهم لأنه واحد منهم، فمتي أراد تفهيم المكلفين حكما من الأحكام خاطبهم بلفظ ظاهر عندهم بما ييده من المعاني، وهذا الظهور الذي لا ينحصر سببه بالوضع ومعاني الحقيقة فقد يكون