/ صفحة 8 /
وقد رأينا أن نتقدم إلى قراء (رسالة الإسلام) بكلمات عن هذه النداءات التي سيجدون فيها القوى التي يحتمها الاجتماع لصيانة كل مجتمع، وما أجدرنا ـ معشر المسلمين ـ وبخاصة في هذا الوقت الذي انحلت فيه عرى الوحدة الإسلامية وتمكنت من المسلمين عوامل الإفساد داخلية وخارجية؛ ما أجدرنا أن نستمع إلى هذه النداءات الإلهية، وأن نتدبرها، وأن نعقل معناها، وأن ندرك وحيها، وأن نجعلها نبراسنا في الحياة، لتعود الينا صولة الأمة القوية، ومكانة الاخلاق القويمة، وننزل المنزلة التي أرادها الله لنا، وأنزل كتابه لأجلها (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم).
* * *
يتسرب الخلل إلى الجماعات، ويلحقها الضعف والوهن من نواح متعددة: يلحقها من جانب ضعفها النفسي، وقبولها التأثر بما يثار بينها من المثيرات، وما يذاع فيها من الأراجيف والاباطيل، ويلحقها من جهة انحلال أفرادها، وعدم تكتلهم حول هدفها وغايتها، ويلحقها من جانب السكوت عما يرتكب أبناؤها في داخلها من مخالفات وفسوق وآثام، فتنتشر حمي ذلك الوباء، فتعم الأمة، وتصبح كلها بعيدة عن الخير والفلاح، ويلحقها من جهة انخداعها بظواهر خصومها واعتقادها فيهم الإخلاص والصدق، فتمتزج بهم، وتلقي بحبال المودة إليهم، وتلحقها من جهة القسوة تملأ قلوب أغنيائها فتحول بينهم وبين الشعور بحاجة فقرائها، فلا يمد الغني يده بالمساعدة والمعونة للفقير المحتاج، فيضطغن ذلك الفقير بما يتقلب فيه من بؤس وشقاء، على ذلك الغني بما ينعم به من نعيم ورخاء، وبعد هذا وذاك يلحقها الضعف والوهن بأخلاق الجزع والهلع لما يصادفها من أحداث وصعاب، فتفقده قوة المقاومة وقوة التوقي، وتخر صريعة أمام الأحداث والخطوب، والأعداء والمحاربين.
ولعلنا بالتطبيق لهذه المبادئ على الأمم وأطوارها في قوتها وضعفها، سواء