/ صفحة 147/
ولئن تبارى أصحاب الاقلام المخلصة في تأييد فكرة التقريب - وما أكثرهم - ينصرونها ويشرحون أهدافها، فانها لاتزال بحاجة إلى مزيد من الايضاح، أو وضع النقط على الحروف كما يقولون.
وهذا ما قصدنا إليه في هذا البحث.
* * *
قال قائل منهم: ما دعوة التقريب هذه؟ وكيف يمكن التقريب بين المذاهب؟ أيريدون من كل طائفة أن تنزل عن بعض ما تراه لتقرب من الاخرى، وهل ترضى الشيعة بأن تنزل للسنة عن كذا وكذا، أو ترضى السنة بأن ترى رأى الشيعة في كيت وكيت؟
وانى أقول لهذا القائل وأضرابه ما قلناه من قبل، وما أعدنا فيه وأبدأنا مراراً: لا يأخى، فما هذه دعوتنا، ولا إلى هذا قصدنا.
إنّما دعوتنا أن يتحد أهل الإسلام على أصول الإسلام التي لايكون المسلم مسلماً الا بها، وأن ينظروا فيما وراء ذلك نظرة من لايبتغى الفلج والغلب، ولكن يبتغى الحق والمعرفة الصحيحة، فإذا استطاعوا أن يصلوا بالانصاف والحجة البينة إلى الاتفاق في شيء مما اختلفوا فيه; فذاك، والا فليحتفظ كل مهم بما يراه، وليعذر الاخرين ويحسن الظن بهم، فإن لخلاف على غير أصول الدين لا يضر بالايمان، ولا يخرج المختلفين عن دائرة الإسلام.
* * *
وقال قائل منهم: ان الطوائف الإسلامية مختلفة في بعض المسائل الجوهرية التي تجعل البعد بينهم شاسعاً، والتقارب بينهم يكاد يكون مستحيلا.
وانى أقول له: على رسلك، ان الطوائف التي نعمل على التقريب بينها هي السنة بمذاهبا، والشيعة الإمامية والشيعة الزيدية، فهل المسائل التي اختلف فيها هؤلاء مما كفّرت به طائفة صاحبتها؟ ولا بد من ((لا)) فإن أحداً من علماء هذه الطوائف لم يرم طائفة منها بالكفر، ولم يقذفها بالمروق عن الإسلام، وما ذلك