/ صفحة 163/
أتيت لحاجة لى، ثم رأيت ان ابدأ بك، قال: وما ذاك يا عمة، قالت: لو اتخذت لك طعاماً ألين من هذا، فابتسم وقال: ليس عندى غيره يا عمة.
هذا وقد وسعت الشريعة الإسلامية ما نعرف اليوم بالعقوبات التأديبية التي توقع على الموظفين والخدم، فمنها كما جاء في شرح الكنز للشيخ العينى ج 1: ص 234 التوبيخ بالكلام العنيف والانذار بعد الاعذار، والنظر إليه من القاضى أو الرئيس بوجه عبوس، وهو للخدم بالضرب الخفيف وبتعريك الاذان، وعن أبي يوسف أن التعزيز بأخذ الاموال جائز، وهو ما يعرف اليوم بالغرامات التأديبية وخصم شيء من رواتب الموظفين عقوبة لهم.
(و) مجلس الدولة في الإسلام - دار الشورى في الاندلس:
الشورى أساس من أهم أسس جميع النظم في الدولة الإسلامية ومكانة أهل الصفة في زمن الرسول معروفة، وكان أبوبكر يلجأ إلى الصحابة والعلماء ليستشير هم فيما غم عليه ان لم يجد في الكتاب أو السنة نصاً، وزاد عمر على ذلك أن كان يسأل عن سابقة رأى لأبي بكر قبل أن يشاور العلماء.
وأصل هذه القاعدة مرده إلى القرآن ((و شاورهم في الأمر)) . ((و لو ردّوه إلى الرسول والى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبوطنه منهم)) ولكثرة العلماء والفقهاء في عصور الإسلام الاولى لم يستدع الأمر تدوين فتاواهم وآراءهم، فلما أن جاءت الدولة الاموية في الاندلس عنيت بأمر هذه الناحية التشريعية، وأنشأت مجلساً يسمى مجلس المشاورين، وكان العضو فيه يسمى (مشاوراً) وقد كملت عدتهم في زمن الناصر ستة عشر مشاوراً، منهم الفقيه أبو ابراهيم التجببى (الفكر السامى ص 114، ونفح الطيب ص 175 ج 1) وخصصت لهؤلاء المشاورين دار في قرطبة، كما قال صاحب كتاب قضاءالجماعة، وورد ذكرهم كثيراً في تراجم كبار الفقهاء كقولهم: كان فلان مشاوراً، وطلب فلان إلى الشورى فأبى، وفي كتاب تبصرة الحكام درر من فتاوى مجلس المشاورين وهو أشبه ما يكون يمجلس الدولة في عصرنا الحاضر.