/صفحة 18 /
عرف اثنان من علماء العراق في أواخر المائة السابغة بحذق هذه اللغات الشرقية والتأليف فيها، أولهم العالم الإخبارى المنصف جمال الدين بن مهنا والثاني الفيلسوف المنصف كمال الدين عبد الرزاق بن أحمد المعروف بابن الفواطى مؤرخ العراق المشهور. وبعد فهذه إلمامة بالجهد الذي بذله هذان العالمان العراقيان في هذه الناحية. جمال الدين بن مهنا: جمال الدين أحمد بن على بن حسين بن مهنا الحلى العبيدلى المؤرخ المنصف من أعلام أواخر المائة السابغة في العراق، وومن أجل مشايخ ابن الفوطى، نقل عنه وعن مصنفاته كثيراًفي كتابه "تلخيص مجمع الآداب"و بالغ في الثناء عليه والتنويه بذكره، ويلقبه "العلامة" وابن مهنا هذا من أعلام الذين عنيت كثيراًبدراستهم والبحث عن سيرتهم وجمع أخبارهم والتنقيب عن مصنفاتهم في الفترة المذكورة، وهو جدير بذلك، لأنه مصنف مجود عنى بتاريخ بلاده في عصر عصيب هو عصر الدولة المغولية، وقد سمى له ابن الفواطى في كتابه تلخيص مجمع الآداب الكتب الآتية: "وزراءالزواء"، "لطائف المعانى في شعراء زمانى"، "المشجر في الأنساب"و هذه الكتب اثلاثة من مصادر ابن الفواطى في معجماته التاريخية. وله كتاب لغوى طريف سماه "حلية الإنسان وحلبة اللسان". ضاعت جل مؤلفات ابن مهنا، ومن جملنها هذه الكتب، فلم نظفر بواحد منها حتى اليوم إذا استثينا هذا الكتاب، ويلا حظ أن جمال الدين بم مهنا من جملة أعلام العراق الذين اختلطوا برجال الدولة المغولية الإيلخانية، واتصلوا بمختلف طبقاتها وتمكن من درستلك اللغات الأعجمية التي شاعت في العراق على عهده حتى استطاع أن يؤلف فيها كتابه المذكور. وفي الكتاب فصول مفيدة عن خصائص اللغات المذكورة ونوادرها وقواعدها ونحوها وصرفها إلى بحوث مقارنة بين العربية وهذه اللغات من النواحى المذكورة. ويبدو لنا من تضاعيف الكتاب أن ابن مهنا عنى قبل استيلاء المغول على العراق بدراسة لغات عدة، عدا لغته العربية، وتضلع في الدرسات المذكورة حتى جارى أو فاق الحداق البارعين فيها من أبنائها، كما يستفاد من دراسة كتابه المذكور، ولا نبالغ إذا قلنا إنه أول عالم عربى عنى