/صفحة 75/
الاجتهاد والنص
للباحث الأديب الأستاذ صدر الدين شرف الدين ـ لبنان
كتاب "الاجتهاد والنص" ثمرة من ثمرات الشجرة المطيبة المباركة التي غرست ونمت وأينعت تحت شمس الإسلام الساطعة، وأفاءت على الدنيا ظلالا وارفة من العلم والعمل والايمان والغيرة والوفاء ـ نعنى بها المغفور له السيد العلامة الأكبر الشيخ شرف الدين الموسوي الذي اختاره الله إلى جواره في أوائل العام الماضي.
وهذه كلمة بقلم ابنه الأديب يصور بها بعض انطباعاته عن أبيه العظيم، وعن كتابه القيم.
( التحرير)
* * *
1 ـ تابعت هذا الكتاب الجليل في تنزلاته، وشاهدت بناءه المحكم وهو ينمو ويتكامل رويداً رويداً في أناة الابداع، ومهل التجويد، واعادة النظر.
كنت أدخل على مؤلفه الخالد في ساعات المخاض، فأجده مندمجاً بالموضوع، يحيى الفكرة تأملا، ويفرغها همهمة، فاذا استقام له القالب ـ فنهض، في فنه الذواق، بالمحتوى ـ أملاه على كاتبه تخطيطاً يعود إليه غير مرة قبل وضعه بصيغة نهائية، ولا يفرغ منه الا اذا تناغم في سمعه أداء وايقاعا، وتماسك في يده نسجاً وتحابكا، وانسجم في عينه خطاً ولوناز
كانت الكلمة عند أبي حاسة سادسة لا يرضيه منها الا أن تجمع إلى شروط الصحة مقاييس الجمال، وفضيلة الوضوح.
واني لأراه محاطاً بكتل من المراجع بعضها مفتوح المصاريع، وبعضها قد كفاه على وجهه، وهو يقرأ في أحدها ملصقا بوجهه، وقد ضيق يسرى عينيه وأغمض اليمنى، ثم ملقياً كتابه وماشطا كريمته بأصابعه يستعين على التأمل سابح النظر في أجواء عليا، وعوالم خفية، فلو كلمته خلال استلهامه لما سمعك، أو لما وعى عنك ما تريد.