ـ(126)ـ
حكمه ما أداه إليه اجتهاده.
وأما المسالة الثانية: ويراد بالعامي من لم يصل إلى رتبة الاجتهاد، ولم يجد في نفسه القدرة الكافية على استنباط الأحكام الشرعية، فالإمامية يلزمون العامي بالأخذ من المجتهد، لأنه لا يصل إلى أحكامه الشرعية إلاّ بذلك، أو بالأخذ بالاحتياط أو التعلم لتكون لـه القدرة الكافية على اجتهاده، وفي كلا هذين الطريقين من المشقة والحرج مالا يمكن تكليف العوام بهما على نحو الإلزام.
وهكذا يتفق الكثير من بقية المذاهب مع الإمامية في هذا الرأي، حيث يقول الكثير منهم بلزوم التقليد للمكلف العامي، إلاّ أن الغالبية من الجمهور تقيد العوام بالرجوع إلى أشخاص معينين وقع الاتفاق على اجتهادهم من قبل الجمهور، وأنه لا يجوز الرجوع إلى غيرهم.
قال الشوكاني: (وبهذا قال كثير من أتباع الأئمة الأربعة)(1).
وعبر عنه بعضهم: (بأنه قول كثير من اتباع الأئمة، وأنه اختار هذا كثير من المحققين)(2).
فهذا العامي الخالي من العلم الحاكم بجهله لا بد لـه من قائد يقوده، وحاكم يحكم عليه، وعالم يقتدي به، ومعلوم أنّه لا يقتدي به إلاّ من حيث هو عالم بالعلم الحاكم، ولو علم أنّه ليس من أهل العلم لا يجوز لـه اتباعه، ولا يحل لـه الانقياد لحكمه، وينقاد إليه من جهة ما هو عالم، لا من جهة كونه فلاناً.
وليس لـه أن يتبع ذلك لمجرد التشهي والميل إلى ما وجد عليه آباءه وأهله قبله، وصدق القائل: (العلم: قال الله، قال رسوله).
______________________
1 ـ إرشاد الفحول: 267.
2 ـ الوسيط في أصول الفقه الإسلامي: 673.