ـ(40)ـ
شقي" ثم أيد ابن رشد قول ابن عباس برواية جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: "تمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر، ثم نهى عنها عمر الناس"(1) ومثل هذا كثير في كتاب "بداية المجتهد".
وجدير بالذكر أن ما ذكره بلا ترجيح أو تأييد أو مع الترجيح والتأييد في "غسل الرجلين" والكعبين وفي "متعة النساء" وغيرها هو نفس ما اختاره فقهاء الإمامية تبعاً لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) والذي تعرضوا من أجله للهجوم من قبل بعض فقهاء المذاهب فنسبوهم إلى البدعة في الأحكام، والحال أنهم لا يختصون برأي إلاّ ويوجد لهم موافق من غيرهم.
وقد ألف انتصاراً لهم "الشريف المرتضى" كتاباً في ذلك سماه "الانتصار لما انفردت الإمامية به من الأحكام" وابن رشد ـ كما قلنا ـ ما كان يعرف عن فقه الإمامية شيئاً، ولكنه نسب ما يتوهم انفراد الإمامية به من الآراء إلى آخرين من الصحابة أو الفقهاء، من دون أن ينكر عليهم أو أن ينسبهم إلى خلاف الإجماع، أو إلى الابتداع في الدين، وغاية ما يعبر عنه هو القول بالشذوذ كما يقال: "شذ أبو حنيفة في انتقاض الوضوء بالضحك في الصلاة". هكذا ينبغي أن نتماشى مع الرأي المخالف لنا ما دام يستند إلى دليل ولو لم يصح عندنا فنتعامل معه بسماحة تامة، فإن الشريعة سمحة سهلة في مصدرها وفي منتهاها.
أما بعد، فخير ما نختم به المقال في هذا المجال، قوله تعالى: "فبشر عباد الّذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الّذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب"(2).
______________________
1 ـ بداية المجتهد ـ ج 2 ص 58.
2 ـ سورة الزمر: 18.