/ صفحه 200/
من بحوث معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة
المسلمون
في أوربا الجنوبية الشرقية
للأستاذ حارث شاكر - يوغوسلافيا
المسلمون في بلاد أوروبا الجنوبية الشرقية ينتمون إلى أصل سلافي أو تركي أو ألباني، ويكونون جماعات مستقرة في أوطانهم استقرار غير من المواطنين فيها ولقد اشتهر عند بعض المؤلفين من غير المسلمين أن شعوب أوروبا الجنوبية الشرقية لم يعرفوا الإسلام إلا عن طريق الأتراك، ولم يهتدوا إليه إلا بعد أن استولى العثمانيون على أوطانهم، فأكرهوا بعض جماعات منهم على اعتناقه بأن خيروهم بينه وبين السيف، فدخل فيه من دخل رهبا لا رغبا. وهذا الادعاء المنافي للواقع تجاهل منشؤه الحقد على الإسلام، ومرماه اعتبار المسلمين عنصرا لا ثقة فيه فيجب إجلاؤه أو استئصاله إذا لم يرض بالرجوع إلى دين أجداده.
والحقيقة الثابتة بأدلة تاريخية هي أن الإسلام بدأ ينتشر في هذا الأقطار قبل أن تطأها أقدام الجيش التركي بمدة طويلة، بل وقبل أن تمت عملية تنصير بعض القبائل السلافية في البلقان كانت هناك ((واحات إسلامية)) نشأت بجهود أفراد من السياح والتجار المسلمين، أو من الوعاظ والزهاد المنتمين إلى مختلف الطرق الصوفية قاموا بالدعوة إلى دين الله وتحبيبه إلى قلوب الناس بالحكمة والقول اللين، كما أن بعض الفضل في هذا السبيل يرجع إلى القبائل الآسيوية التي كانت تزحف نحو الغرب بعد احتكاكها بالعالم الإسلامي بحكم الجوار أو عن طريق الغزو وتأثرها بالدعوة الإسلامية وأفكار وتقاليد الأمم الإسلامية، ولقد كان لدراسة الوثائق المتعلقة ببدء انتشار الإسلام في أوروبا الجنوبية الشرقية نتائج ساعدت على تكوين صورة عامة لماضي الإسلام