" قطع متجاورات " بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاصقة : طيبة إلى سبخة وكريمة إلى زهيدة وصلبة إلى رخوة وصالحة للزرع لا للشجر إلى أخرى على عكسها مع انتظامها جميعا في جنس الأرضية . وذلك دليل على قادر مريد موقع لأفعاله على وجه دون وجه . وكذلك الزروع والكروم والنخيل النابتة في هذه القطع مختلفة الأجناس والأنواع وهي تسقى بماء واحد وتراها متغايرة الثمر في الأشكال والألوان والطعوم والروائح متفاضلة فيها . وفي بعض المصاحف : قطعا متجاورات على : وجعل وقرئ : وجنات بالنصب للعطف على زوجين . أو بالجر على كل الثمرات . وقرئ وزرع ونخيل بالجز عطفا على أعناب أو جنات والصنوان : جمع صنو وهي النخلة لها رأسان وأصلهما واحد . وقرئ بالضم . والكسر : لغة أهل الحجاز والضم : لغة بني تميم وقيس " تسقى " بالتاء والياء " ونفضل " بالنون وبالياء على البناء للفاعل والمفعول جميعا " في الأكل " بضم الكاف وسكونها .
" وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " .
" وإن تعجب " يا محمد من قولهم في إنكار البعث فقولهم عجيب حقيق بأن يتعجب منه لأن من قدر على إنشاء ما عدد عليك من الفطر العظيمة ولم يعي بخلقهن كانت الإعادة أهون شيء عليه وأيسره فكان إنكارهم أعجوبة من الأعاجيب " أإذا كنا " إلى آخر قولهم : يجوز أن يكون في محل الرفع بدلا من قولهم وأن يكون منصوبا بالقول وإذا نصب بما دل عليه قوله : " أإنا لفي خلق جديد " " أولئك الذين كفروا بربهم " أولئك الكاملون المتمادون في كفرهم " وأولئك الأغلال في أعناقهم " وصف بالإصرار كقوله : " إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا " ياسين : 8 ، ونحوه : .
لهم عن الرشد أغلال وأقياد .
أو هو من جملة الوعيد .
" يستعجلون بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب " .
" بالسيئة قبل الحسنة " بالنقمة قبل العافية والإحسان إليهم بالإمهال . وذلك أنهم سألوا رسول الله A أن يأتيهم بالعذاب استهزاء منهم بإنذاره " وقد خلت من قبلهم المثلات " أي عقوبات أمثالهم من المكذبين فما لهم لم يعتبروا بها فلا يستهزءوا والمثلة : العقوبة بوزن السمرة . والمثلة لما بين العقاب والمعاقب عليه من المماثلة " وجزاء سيئة سيئة مثلها " الشورى : 40 ، ويقال : أمثلت الرجل من صاحبه وأقصصته منه . والمثال : القصاص . وقرئ : المثلات بضمتين لإتباع الفاء العين . والمثلات بفتح الميم وسكون الثاء كما يقال : السمرة . والمثلات بضم الميم وسكون الثاء تخفيف المثلات بضمتين . والمثلات جمع مثلة كركبة وركبات " لذو مغفرة للناس على ظلمهم " أي مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب . ومحله الحال بمعنى ظالمين لأنفسهم وفيه أوجه . أن يريد السيئات المكفرة لمجتنب الكبائر . أو الكبائر بشرط التوبة . أو يريد بالمغفرة الستر والإمهال . وروي أنها لما نزلت قال النبي E : " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحد العيش ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد " .
ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد "