على أنه قد قرأ حمزة والكسائي : ولبثوا في كهفهم ثلاثة مائة سنين بإضافة مائة إلى سنين وهذا إضافة المميز إلى جمع فعلى هذه القراءة أقل مدة لبنثهم على مذهب من يرى أن الجمع اثنين فما فوقهما تكون ست مئة سنة وتسع سنين لكونه أضيف المميز إلى جمع . وقالوا ألف ليلة فأجروا ذلك في التمييز مجرى المائة . فإن قلت ما العلة في ذلك قلت لأن الألف عقد كما أن المائة عقد . وقالوا ثلاثة آلاف ليلة فجمعوا الألف وقد دخل على الآحاد ولم يفرد مع الآحاد كالمائة . فإن قلت هذا ينقض ما قررته أولاً من التعليل قلت أن الألف طرف كما أن الواحد طرف لن الواحد أول والألف آخر ثم تتكرر الأعداد فلذلك أجري مجرى الآحاد . ( تنبيه ) لفظ ألف مذكر والدليل عليه قوله تعالى يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة وقد تقرر أن المعدود المذكر يؤنث والمؤنث يذكر ولا يورد قولهم هذه ألف درهم فإن الإشارة إنما هي إلى الدراهم لا إلى الألف وتقديره هذه الدراهم ألف وقالت العرب ألف صتم وألف أقرع . وإذا أردت تعريف العدد المضاف أدخلت الأداة على الاسم الثاني فتعرف به الأول نحو ثلاثة الرجال ومائة الدرهم كقولك غلام الرجل قال ذو الرمة .
وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى ... ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع .
ولا يجوز الخمسة دراهم لأن الإضافة للتخصيص وتخصيص الأول باللام يغنيه عن ذلك فأما ما لم يضف فأداة التعريف في الأول نحو الخمسة عشر درهماً إذ لا تخصيص بغير اللام وقد جاء شيء على خلاف ذلك . ( تنبيه ) الفصيح إن تقول عندي ثماني نسوة وثماني عشرة جارية وثماني مائة درهم لأن الياء هنا ياء المنقوص وهي ثابتة في حالة الإضافة والنصب كياء قاض . فإن قلت قول الأعشى : .
ولقد شربت ثمانيا وثمانيا ... وثمان عشرة واثنتين وأربعا .
يخالف ذلك . قلت بابه الضرورة في الشعر كما قال الآخر .
وطرت بمنصلي في يعملات ... دوامي الأيد يحبطن السريحا .
يريد الأيدي على أنه قد قريء وله الجوار المنشئات بضم الراء .
الفصل الثالث .
في كيفية كتابة التاريخ .
تقول للعشرة وما دونها خلون لأن المميز جمعا والجمع مؤنث . وقالوا لما فوق العشرة خلت ومضت لأنهم يريدون أن مميزه واحد . وتقول من بعد العشرين لتسع أن يقين وثمان أن بقين تأتي بلفظ الشك لاحتمال أن يكون الشهر ناقصاً أو كاملاً . وقد منع أبو علي الفارسي C تعالى أن يكتب لليلة خلت كما منه منه صبيحتها أن يقال المسهل لأن الاستهلال القوم مضى ونصل على أن يورخ بأول الشهر في اليوم أو بليلة خلت منه . وقال الحريري في ( درة الغواص ) والعرب تختار أن تجعل النون للقليل والتاء للكثير فيقولون لأربع خلون ولأربع عشرة ليلة خلت قال ولهم اختيار آخر وهو أن تجعل ضمير الجميع للكثير الهاء والألف وضمير الجمع القليل الهاء والنون المشددة كما نطق القرآن : إن عدة الشهور عند الله اثنا عشرة شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوت والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم فجعل ضمير الأشهر الحرم بالهاء والنون لقلهن وضمير شهور السنة الهاء والألف لكثرتها . وكذلك اختاروا أيضاً أن ألحقوا لصفة الجمع الكثير الهاء فقالوا أعطيته دراهم كثيرة وأقمت أياماً معدودة وألحقوا لصفة الجمع القليل الألف والتاء فقالوا أقمت أياماً معدودات وكسوته أثواباً رفيعات وعلى هذا جاء في سورة البقرة : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة وفي سورة آل عمران : إلا أياماً معدودات كأنهم قالوا أو لا بطول المدة ثم أنهم رجعوا عنه فقصروا المدة انتهى . والواجب أن تقول في أول الشهر لليلة خلت منه أو لغرته أو لمسهلة فإذا تحققت آخره قلت انسلاخه أو سلخه أو آخره . قال ابن عصفور والأحسن أن تورخ بالأقل فيما مضى وما بقى فإذا استويا أرخت بأيهما شئت . قلت بل إن كان في خامس عشر قلت منتصف أو في خامس عشر وهو أكثر تحقيقاً لاحتمال أن يكون الشهر ناقصاً وأن كان في الرابع عشر ذكرته أو السادس عشر ذكرته