أما أبو الفتح فإنه ثابر على استعمال الجناس كثيرا ولكن ما أعلم أنه نظم أحسن من هذا البيت وقد تجمل به نوع الجناس وكاد أن يكون تورية .
وما أحسن قول المعري فيه وأحشمه .
( لم نلق غيرك إنسانا يلاذ به ... فلا برحت لعين الدهر إنسانا ) .
ومطلع الشيخ صفي الدين في قصيدته البائية التي عارض بها المتنبي وامتدح بها السلطان الملك الناصر سقى الله عهده حسن في هذا الباب وهو .
( أسبلن من فوق النهود ذوائبا ... فتركن حبات القلوب ذوائبا ) .
ومن محاسنها .
( عاتبته فتضرجت وجناته ... وازور ألحاظا وقطب حاجبا ) .
( فأذابني الخد الكليم وطرفه ... ذو النون إذ ذهب الغداة مغاضبا ) .
ومطلع قصيدة ابن نباتة التي امتدح بها الملك الأفضل صاحب حماة غاية في هذا النوع وقد عارض أبا الطيب المتنبي ولكن أتى فيها بما لو سمعه أبو العلاء لرجع عن ديوان أحمد وأقر بمعجزات محمد .
فمطلع المتنبي .
( أرق على أرق ومثلي يأرق ... وجوى يزيد وعبرة تترقرق ) .
ومطلع ابن نباتة .
( ما بت فيك بدمع عيني أشرق ... إلا وأنت من الغزالة أشرق ) .
ولأجل إطنابي في هذه القصيدة تعين إيراد شيء من محاسنها هنا .
فمنها .
( أنفقت عيني في البكاء وحبذا ... عين على مرأى جمالك تنفق ) .
( وتكاثرت في الجفن أنجم أدمعي ... فكأن غرب الجفن مني مشرق )