ما يهدفون، باعتبار أن المواهب المختلفة ولا يمكن جعل البليد عبقرياً والضعيف قوياً، وأن كثيراً من الأهداف لا يمكن ضمانها للجميع فلا يعقل أن يصبح كل فرد رئيساً للدولة، أو يضمن للجميع القدرة على تسلم هذا المنصب. نعم يفسح المجال لكل فرد كي يخوض المعترك السياسي والاقتصادي ويجرب مواهبه. الثاني: إن الضمان الكافي لتحقيق الأهداف يضعف في الفرد الشعور بالمسؤولية يدفعه للكسل. والواقع أن كلا الأمرين صحيح إلى حد ما ولكن لا بالشكل الذي يؤدي لرفض الحرية الجوهرية تماماً. فلو استطعنا أن نضمن للأفراد حداً معيناً من المعيشة ونفسح المجال للتنافس في المستويات الأعلى منه تخلصنا من الأمرين معاً. والملاحظ أن من يؤمن بالحرية الشكلية لابد وأن يرفض الحرية الجوهرية فإن حرية رجال الأعمال في استخدام العامل وعدمه وحرية التصرف في الأموال طبق ما يشاء المالكون مثلا تتنافى مع مبدأ ضمان العمل للعامل أو ضمان العيش للعاجزين باعتبار هذا الضمان يؤدي لتقييد ملك الحرية الشكلية. هذا وقد قضت الاشتراكية على الحرية الشكلية بإقامة ديكتاتورية مطلقة زاعمة أنها عوضت عن الحرية الشكلية بحرية جوهرية. وهكذا أخذ كل بجانب معين ولم يحل التناقض بين الشكلين للحرية إلاّ في الإسلام الذي وفر الحرية الجوهرية بوضع حد معقول من الضمان يسمح للجميع بحياة كريمة ولكنه فتح السبيل أمام الجميع بالنسبة للمستويات الأعلى وأعطاهم الحرية المنسجمة مع مفاهيم الإسلام عن الكون. وهكذا كان الإسلام أروع نظام لحل مشاكل الإنسانية الأمر الذي لم تلتفت إليه البشرية إلاّ في القرن العشرين حيث بدأت الرأسمالية تتجه نحو مبدأ الضمان بعد فشلها الذريع. القيم التي تبتنى عليها الحرية الشكلية: بعد أن نستبعد كل المحاولات التي تبررها بضرورات موضوعية كالقول بأنها توفر الإنتاج وتحقق الرفاه الأمر الذي ناقشناه سابقاً، نحاول دراسة محاولة الرأسمالية لتفسيرها تفسيراً ذاتياً. إذ قد يقال: إن القيمة الذاتية للحرية تكمن في كونها جزءاً من كيان الإنسان. ولكن هذا