لتنظيم حياتنا الاجتماعية وتحقيق ما ذكرناه من ضرورات وفوائد عند الحديث عن جدوى هذه المحاولات إذا ضممنا ذلك أدركنا عقلا القبول الشرعي بهذا المقدار من الانتساب وليكن ذلك من خلال (مقدمات دليل الانسداد) الذي نقبل به في مثل هذه الموارد. ولكن يبقى التساؤل قائماً: لنفترض اننا قبلنا النسبة الإسلامية لهذه العملية فمن أين نكتسب (الحجية المطلوبة) وهي غايتنا وبها نستطيع الاعتذار إلى الله تعالى إذا خالفت هذه الصورة الواقع الإسلامي المطلوب منا تطبيقه بل كيف نكتسب هذه الصيغة عنصر (التنجيز) والإلزام الاجتماعي وهو المطلوب هنا؟ وهنا نقول: ان الخلط تم بين الحكم العملي الفردي والمسيرة الاجتماعية الحكومية فإذا كنا نحتاج في مجال اجتهاد المرحلة الأولى إلى الحجية الملازمة للقطع بالحكم المستنبط أو بحجية محصول الظن المعتبر، فإننا لسنا بحاجة لمثل هذه الحجية هنا. ذلك أن الذي يمنح هذه الخطوط المذهبية صفة الإلزام والتعذير هو حكم ولي الأمر بها وجعلها سياسة عامة تمشي البلاد على ضوئها، والحكم الولائي ملزم ومعذر بلاريب بمقتضى قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم). ومن المعلوم ان ولي الأمر وعلى ضوء من إلزامه بعنصر (الشورى) وملاحظته (للاضوية الكاشفة) التي قدمها الشرع الشريف له، وكذلك ملاحظته لمصالح الأُمة العليا يمكنه ان يصدر أوامره باعتماد الخطوط الأساسية الأفضل لتحقيق تلك المصلحة حتى لو لم يتوصل هو شخصياً لحجية كل الاحكام الكاشفة بل يستطيع ان يلزم الأُمة بحكم شرعي مستنبط على أساس شرعي من قبل غيره، كما انه يستطيع ان يلزم الأُمة كلها بالعمل بفتاواه بعد تحويلها إلى احكام حكومية وعلى باقي المجتهدين العمل الاجتماعي وفقها تحقيقاً لوحدة المسيرة الاجتماعية وعملا بمقتضيات طاعة ولي الأمر. وحينئذ فإذا رأى هذا الولي العمل بهذه الخطوط اصدر أوامره، باعتمادها ومنحها الحجية اللازمة وتحقق المطلوب. وفي الختام نسأل الله (جلّ وعلا) ان يوفقنا لتطبيق احكام الله تعالى في الأرض واستدامة الطريق الذي سلكه أستاذنا الإمام الشهيد، ويقر عيونه بتحقيق أهدافه العليا.